وصف العاهل المغربي الملك محمد السادس التزام بلاده البناء الديموقراطي بأنه خيار «لا رجعة فيه». وأقر في خطابه إلى البرلمان في مناسبة افتتاح دورة الخريف، أول من أمس، بوجود «مصاعب»، مؤكداً أن الاستحقاقات الأخيرة، في إشارة الى انتخابات البلديات وتجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين، «ليست إلا شوطاً في بناء ديموقراطي، ومهما كانت المصاعب، فإننا ماضون في تعهّده بالتطوير والتحصين». وجدد التزامه «تقويم ما قد يشوبه من اختلالات»، مؤكداً أن «لا هوادة في محاربتها (الاختلالات) بالإرادة الحازمة والتعبئة الشاملة». وانتقد العاهل المغربي ما وصفه ب «المزايدات العابرة»، من دون أن يعرض الى تفاصيلها، مؤكداً أن الهدف يكمن في «الارتقاء بالعمل الديموقراطي إلى ثقافة راسخة ومواقف نابعة عن اقتناع عميق». وتحدث الملك محمد السادس عن القضايا الاقتصادية والدولية، ورأى أن هذه القضايا «أصبحت محور السياسات العامة وجوهر الممارسات الحزبية الجادة والعمل النيابي البناء». ورأت المصادر في تركيز العاهل المغربي على الملفات الاقتصادية والاجتماعية رسالة إلى أحزاب سياسية كانت دعت الى إدخال تعديلات على دستور البلاد، غير أنه لم يشر إلى ذلك صراحة. واكتفى بالتأكيد أن الموقف يتطلب هيئات تنموية، ملحّاً على اعتماد الإطار القانوني للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي نص عليه الدستور المعدل لعام 1996، باعتباره هيئة استشارية الى جانب الحكومة والبرلمان. إلى ذلك، دعا العاهل المغربي إلى أن يكون هذا المجلس «هيئة دستورية للخبرة والدراسة في شأن القضايا التنموية الكبرى» ورهن فعاليته وصدقيته «بتشكيلة معقلنة تضم خبراء وفاعلين مشهود لهم بالكفاءة» وتعكس تعددية تمثيلية للقوى الحية في المملكة. ووصف دور المجلس ومسؤولياته بأنه بمثابة «هيئة يقظة وقوة اقتراحية» وإطار للتفكير العميق والحوار البناء. غير أنه رهن الحوار الاجتماعي المعني بتسوية نزاعات العمل بمكوناته الأساسية التي تشمل الحكومة والمركزيات النقابية ورجال الأعمال. وحدد العاهل المغربي الأهداف الاستراتيجية للمجلس في «إعداد ميثاق اجتماعي جديد» وكذلك إبداء الرأي حيال المخططات التنموية والسياسات القضائية، مشدداً على البعد الجهوي، في إشارة إلى خطة تقسيم المحافظات المغربية إلى مناطق جهوية تحظى بالتسيير الذاتي، وفي مقدمها أقاليم الصحراء التي يتنازع المغرب السيادة عليها مع جبهة «بوليساريو». وقال الملك محمد السادس إن المغرب سيواصل بموازاة هذه الالتزامات المضي قدماً على طريق الإصلاحات التي تطاول القضاء والتعليم و «تكريس اللاتمركز»، كونها «المقومات الأساسية للإصلاح المؤسسي المنشود». وحض نواب البرلمان على اعتماد «روح الغيرة على حرمة البرلمان»، مؤكداً أن صدقية المؤسسة الاشتراعية تكمن في الانخراط في الإصلاحات و «التحرك الفعال للدفاع عن مغربية الصحراء». وفي سياق متصل، قال وزير الاتصال (الإعلام) المغربي الناطق باسم الحكومة خالد الناصري إن الحكومة «لن تظل مكتوفة اليدين أمام الاستفزازات التي مست مشاعر الشعب المغربي». واتهم وفد الصحراويين الذين زاروا مجتمعات تندوف (جنوب غربي الجزائر) وأعلنوا تأييدهم لجبهة «بوليساريو»، بأنهم «يعملون لأجندة خارجية معروفة»، وأعرب عن أسفه كون البناء الديموقراطي أصبح «بضاعة تُستخدم في أغراض لا علاقة لها بالحرية». وأعلن الوزير الناصري أن الحكومة «ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة» ضد أولئك الأشخاص الذين يوجدون رهن التحقيق بعد توقيفهم في الدارالبيضاء إثر عودتهم إلى البلاد. وأفادت مصادر قضائية انهم سيُتابعون بتهم تطاول خلفيات اجتماعهم إلى «مسؤولين في الاستخبارات الجزائرية وقياديين في بوليساريو» إضافة إلى «مصادر تمويل تحركاتهم».