تتجه العلاقات الاقتصادية المغاربية نحو الانتعاش، تقودها اتحادات رجال الأعمال في المغرب والجزائروتونس وليبيا وموريتانيا في مسعى لإحياء مشاريع اتحاد المغرب العربي المتعثرة لأسباب سياسية بعد ظهور بوادر انفراج نسبي ساهمت الأزمة المالية العالمية في تليينها. وعقد وفد من كبار رجال الأعمال في المغرب والجزائر اجتماعات تمهيدية في الدارالبيضاء استعداداً ل«المتقى المغاربي للأعمال»، الذي ستحتضنه الجزائر يومي 10 و11 أيار (مايو) المقبل بمشاركة 700 شركة منها مئة مغربية. ويدرس المؤتمر فرص الاستثمار في المنطقة والشراكة بين القطاع الخاص المغاربي، والتصدي المشترك لتبعات الأزمتين المالية والاقتصادية العالميتين. وأفادت مصادر من الاجتماع الذي اختُتم في وقت متقدم أول من أمس بأن اتحادات رجال الأعمال «تعمل من اجل تهيئة الأجواء لتوفير مناخ مناسب للاستثمار، يفضي إلى قيام تكتلات إقليمية اقتصادية قوية لمواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية العالمية، واستغلال الفرص المتاحة لإحياء المشاريع المشتركة، وتذليل العقبات التي تحول دون قيام الاتحاد المغاربي الاقتصادي». واعتبر رجال الأعمال ان العمل في هذه المرحلة يقتضي إزالة أسباب التوجس وتعزيز الثقة وتطوير التشريعات. وانتقدت «الكونفيديرالية العامة للمقاولات المغربية» (سي جي أم) رفض السلطات المالية الجزائرية منح تراخيص لفتح فروع لمصارف وشركات تأمين مغربية في الجزائر، على غرار ما حدث في تونس وليبيا وموريتانيا، معتبرة ان القرار لا يساعد على توسيع مشاريع القطاع الخاص، وحاجتها إلى التمويل، بسبب استمرار سلطة رقابة الدولة على قطاعي المصارف والتأمين. ونُقل عن مصادر جزائرية ان شركة «تأمين الوفاء» التابعة لمصرف «التجاري وفا بنك»، ستحصل على ترخيص للعمل في الجزائر قريباً. وكانت ثلاثة مصارف مغربية هي «المغربي للتجارة الخارجية»، و«التجاري وفا بنك»، و«الشعبي المركزي» طلبت الترخيص لفتح فروع لها في مدن جزائرية، لتغطية مجموعة شمال أفريقيا في مجالات القروض والادخار، خصوصاً العقار والسياحة والتجارة الخارجية وتحويلات المهاجرين في أوروبا. ويرغب رجال الأعمال في الدول الخمس تنسيق الاستثمار في قطاعات واعدة في المنطقة، مثل الاتصالات والعقارات والسياحة والصناعات الكيماوية والزراعة والصيد البحري وصناعة السفن والطاقة والمعادن والنقل والكهرباء والمال والتكنولوجيا الحديثة، وهي القطاعات التي تتنافس عليها الشركات الأوروبية في ظل الأزمة الدولية وتراجع عقود العمل في أوروبا. ويقدر الناتج القومي في دول المغرب العربي بنحو 350 بليون دولار، تتكون من سوق بحجم 80 مليون نسمة، في حين لا تتجاوز التجارة البينية بينها نسبة 3 في المئة، مقابل 66 في المئة مع شريكها الشمالي، الاتحاد الأوروبي. وعلى هامش اجتماع اللجنة العليا المغربية - التونسية في الرباط مطلع الأسبوع، أُعلن التوصل إلى اتفاق على إطلاق «المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة» برأس مال 500 مليون دولار، تكتتب فيه المصارف المركزية في الدول الخمس ويكون مقره تونس. وأنشئ المصرف قبل سنوات لكنه واجه صعوبات في العمل بسبب خلافات بين الدول الأعضاء. واعتبرت المصادر ان الضغوط التي مارسها صندوق النقد الدولي سرّعت في إخراج المشروع إلى الوجود، بسبب الحاجة إلى آليات لتمويل الاستثمارات والتجارية البينية بين الدول المغاربية، التي تخسر سنوياً 2.5 في المئة من ناتجها الإجمالي بسبب ضعف التجارة، وإغلاق الحدود البرية الذي يخدم مصالح المهربين (ثلاثة بلايين دولار سنوياً). وأشارت مصادر اتحادات رجال الأعمال ان المنطقة يمكنها تحصيل 30 بليون دولار من التدفقات الاستثمارية الخارجية سنوياً، إذا تكتلت في تجمع اقتصادي إقليمي على غرار دول مجلس التعاون الخليجي. واعتبر مركز «كوفاس» الفرنسي لضمان الصادرات ان دول المغرب العربي، لم تتأثر كثيراً بالأزمة المالية العالمية، عكس ما حدث في نحو 47 دولة أخرى، وجاء في التقرير ان دولاً مثل المغرب وتونس حافظتا على تصنيف جيد بفعل تنوع مصادر دخل الاقتصاد، ومناعة النظام المصرفي، غير المتضرر من الأصول السامة، ولم يسجل المركز أي صعوبات في تمويل التجارة الخارجية للدولتين. ويُنتظر ان تحقق الدول المغاربية الخمس، وفقاً للبنك الدولي نمواً يتراوح بين 3.8 وأربعة في المئة، على رغم انخفاض إيرادات النفط والغاز في الجزائر وليبيا، اللتين تتمتعان برصيد مالي كبير نجم عن الطفرة النفطية.