عبرت أمانة مدينة الأحساء عن حرصها على اعادة سوق القيصرية إلى سابق عهدها في شكل يحافظ على عراقتها وتراثها وعلى رغم مرور أكثر من سبع سنوات على الحريق الذي شهدته السوق التي تُعد من أشهر الأسواق الشعبية على مستوى المملكة والخليج، إلا أن الأحسائيين لا يزالون ينتظرون اليوم الذي يعود فيه ماثلا أمامهم، يمشون فيه ويشمون رائحة تاريخه الممتد لمئات السنين ممزوجة بأجود أنواع البهار الهندي. ومع بدء العد التنازلي، تتواصل نظرات ترقب مستمرة منذ بدء عمليات إعادة بنائها، تصاحبها دعوات وأمنيات لرؤية عودة حركتي الشراء والبيع في السوق، التي كانت شاهداً على تاريخ وعراقة المحافظة. ويرجح أن بناء السوق تم في العام 1862، واشتهرت من حينها ببيع أشهر البضائع الشعبية، التي تلقى رواجاً كبيراً من متسوقي المملكة ودول الخليج، نظراً لشهرتها الواسعة والكبيرة التي اكتسبتها. ومع بدء المقاول المنفذ للمشروع في وضع أساسات أعمال البناء والترميم في السوق، وظهور أول ملامحها الجديدة، بدأ شريط ذكريات أهالي المحافظة في العودة إلى الوراء مرة أخرى، نظراً لوجودها في قلب سوق الهفوف التجاري، إذ تم استخدام مواد قديمة في إعادة البناء مثل، الطين، وسعف النخيل، وذلك ليتم بناؤها على الطراز المعماري الذي كانت عليه، ومن خلال استخدام أعمال زخرفة وهندسة قديمة تعود إلى مئات السنين. وتعد السوق من أشهر الأسواق الشعبية القديمة في منطقة الخليج، وتتضمن عدداً كبيراً من المحال الصغيرة الشعبية الشهيرة التي تم تشييدها ووضعها في ممرات وأزقة صغيرة ومغطاة بأسقف مصنوعة من سعف النخل مثل، محال العطارة، والأحذية، والعطور، والتحف النحاسية، والمواد الغذائية، والأدوية الشعبية، الملبوسات، والسجاد، إضافة إلى المقتنيات القديمة، فيما يشاركهم عدد من البائعات اللاتي يقمن ببيع جميع المشغولات التي تتم صناعتها من الصوف والغزل المحلي. ويتوقع أن تجذب السوق بعد الانتهاء من إعادة بنائها على مساحة خمسة آلاف متر مربع، عددا كبيراً من المتسوقين والزائرين، وهو ما دفع أمانة الأحساء إلى محاولة الإسراع في تنفيذها، على الرغم من تأخر الشركة المنفذة للمشروع في إنجازه سنوات عدة، بسبب مشكلات في التمويل. وأعلن أمين محافظة الأحساء المهندس فهد الجبير، العام الماضي، أن افتتاح سوق القيصرية، سيكون خلال العام الجاري بحسب الخطة الموضوعة، والانتهاء من أعمال البناء والترميم، بحسب الجدول الزمني المعد، والاتفاق المبرم مع الشركة المتعهدة للمشروع، والذي أشار فيه إلى أن شكل السوق الجديد لن يختلف كثيراً عن السابق، من خلال المحافظة على الشكل الهندسي والمعماري نفسه في الداخل والخارج، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على طابع السوق التراثي الذي أشتهرت به منذ تاريخ إنشائها، لافتاً إلى أنه تم التنسيق مع الهيئة العليا للسياحة في المحافظة. يشار إلى أن كلفة إعادة بناء السوق بلغت 16 مليون ريال، وتم وضع احتياطات وإجراءات السلامة كافة، وذلك تفادياً لحدوث حرائق مماثلة للسابق، وتضم السوق 422 محلاً، تملك البلدية منها 177 محلاً، التي يتم تأجيرها لأصحاب الأعمال، فيما يمتلك الأهالي 251 محلاً، بعد أن تم نقلهم بعد نشوب الحريق إلى سوق الخضار القديمة، التي انتقلت إلى موقعها الجديد.