نقضت المحكمة الدستورية العليا في إيطاليا قانون «لودو آلفانو» الذي كان البرلمان الإيطالي أقرّه بغالبية موالية لرئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني في تموز (يوليو) من العام الماضي، بعد ستة أشهر من عودة بيرلسكوني إلى سدة الحكم مجدداً. واعتبرت المحكمة القانون المذكور «غير دستوري»، وصوت ضدّه تسعة من أصل 15 عضواً لمنافاته صفة الدستورية ومخالفته للفقرتين المهمّتين 3 و138 في الدستور الإيطالي واللتين تعتبران المواطنين الإيطاليين «سواسية أمام القانون»، مشيرة الى أن «قضايا كالتي تضمنها القانون المذكور لا يمكن أن تُسنّ بقانون اعتيادي بل بتشريعات دستورية». وكان قانون «آلفانو» يتيح لرئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني التخلّص من ملاحقة القضاء له في عدد من الملفات العالقة في المحاكم الإيطالية والتي تطاوله وعدد كبير من أقرب مساعديه بتهم تتعلق برشاوى في سنوات ما قبل دخوله معترك السياسة في عام 1994 إثر انهيار ما سمي ب «الجمهورية الإيطالية الأولى». وأسقط قرار المحكمة الدستورية الإيطالية الحصانة القضائية عن رئيس الوزراء الذي هزئ من القرار معتبراً انه «لن يهز الحكومة». ولمجرد الإعلان عن نتيجة التصويت في المحكمة الدستورية، صبّ بيرلوسكوني جام غضبه عليها وعلى رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو، واتهم المحكمة بأنها ««تعمل لمصلحة اليسار» المعارض، وشدّّد على أنه لن يتوقّف مشيراً إلى أن حكومته «ستواصل عملها كما فعلنا في السنوات الخمس في الحكومة السابقة من دون الحاجة إلى قانون آلفانو». وأشار الى إن ذلك «سيعني أنني سأضيّع بعض الوقت لمتابعة الملفات التي يطالبونني بالرد عليها في المحاكم». واعتبر بيرلوسكوني رئيس الجمهورية نابوليتانو «منحازاً» إلى المعارضة، ما دعا رئيس مجلس النواب، وحليف بيرلوسكوني في الحكم، جانفرانكو فيني إلى دعوته الى احترام المحكمة الدستورية ورئيس الجمهورية. وقال فيني: «أنا أقف إلى جانب بيرلسكوني وحقّه في إدارة شؤون الدولة لأن الناخبين منحوه هذا الحق، لكن عليه احترام المحكمة الدستورية وقراراتها واحترام رئيس الجمهورية». يذكر أن عدداً من القضايا العالقة تتنظر بيرلوسكوني في المحاكم وسيعاد إدراجه مجدّداً بعد إلغاء القانون المذكور. ومن هذه الملفات الادعاء على بيرلوسكوني بأنه دفع رشوة قدرها 600 ألف دولار الى ديفيد ميلز محاميه البريطاني السابق لدى دائرة الضرائب مقابل إدلائه بشهادة زور دفاعاً عنه في المحاكمة التي أجريت إبان التسعينات بتهمة الفساد. وحُكم على ميلز في آذار (مارس) الماضي، بالسجن لأربع سنوات ونصف بسبب هذه الجريمة. ومن المرجح أن يجد رئيس الوزراء الإيطالي نفسه الآن في قفص الاتهام من جديد، كما أن هناك تحقيقات أخرى قد تؤدي الى ملاحقات قانونية بينها محاولة مفترضة لإقناع أعضاء في مجلس الشيوخ من اليسار الوسط بالانقلاب على حكومة رومانو برودي المتداعية قبل عامين. ويأتي القرار القضائي ليُضاف إلى عدد كبير من المشاكل التي عانى منها رئيس الحكومة الإيطالية في الشهور الأخيرة ومن بينها الفضائح الجنسية ومطالبة زوجته فيرونيكا لاريو الطلاق منه علنياً والخلاف الذي خلقه له مع الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية رئيس تحرير صحيفة تعود ملكيتها إلى عائلته. وتشير استطلاعات للرأي الى أن كل هذه القضايا خفّضت شعبية بيرلوسكوني من 63 في المئة إلى 47 في المئة ما دفع إلى الواجهة عدداً من السيناريوات المحتملة في شأن الوضع الإيطالي ومن بينها تنحّي بيرلوسكوني عن الحكم لمصلحة حكومة تصريف أعمال وإجراء انتخابات برلمانية بالتزامن مع الانتخابات المحلية المقرّرة في آذار (مارس) المقبل.