تبدو قناة «روسيا اليوم» من أفضل القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية من حيث غنى موضوعاتها الثقافية وتنوع برامجها وحواراتها مع شخصيات كانت فاعلة في الماضي القريب روسياً وعربياً وعالمياً. إضافة إلى حزمة من البرامج الثقافية والتاريخية التي يقدمها المستشرق الروسي البروفيسور فيتالي نعومكين عن المدن الروسية المعروفة والمجهولة في عمارتها وثقافتها وتقاليدها القديمة والجديدة وعن رحلات المستشرقين الروس إلى المشرق العربي. ومن هؤلاء عدد كبير من الكتاب والرسامين الذين تركوا آثاراً مهمة من المذكرات واللوحات عن الأماكن والمدن التي مروا بها وعن الجزر الخيالية المنسية والشعوب القديمة الصغيرة التي تعيش على اطراف القطب الشمالي في شتاء دائم وقاس. ويدير ارتيوم كابشوك بلغة عربية مؤصلة وفكر منفتح برنامج «بانوراما» الذي يجمع نخبة مختارة من المثقفين والمختصين في شتى المجالات والعناوين الساخنة اليوم على طريقة «الرأي والرأي الآخر». وتنفض قناة «روسيا اليوم» الغبار عن ملفات مدهشة في سياق برامجها الثقافية اليومية المنوعة عن التراث الإبداعي للكتاب والموسيقيين الروس والتجارب الفردية في المجالات الثقافية في المسرح والسينما والرقص وفي الإبداع العلمي والصناعي وتسلط الضوء على قرية روسية بعيدة يجيد كل سكانها نساء ورجالاً وأطفالاً المشي على الحبال برشاقة المحترفين في عالم السيرك والباليه، وهي غنية بالأشرطة الوثائقية التي تغطي الوجوه المتعددة للقرن العشرين. في هذا الاطار يلفت خالد الرشد في حوارات نادرة مع شخصيات من جنسيات مختلفة كانت لها أدوار فاعلة ومؤثرة في واجهة المسرح السياسي والعسكري في العقود الماضية، ومنها على سبيل المثال حوار في حلقتين مع العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري المخضرم السابق الذي تحدث بصراحة عن أحداث وشخصيات وذكريات شخصية معطياً معلومات مدهشة لم تكن معروفة من قبل. ومنها أنه يملك ثاني أكبر مكتبة شخصية في العالم إلى جانب ذكريات خاصة مع كبار القادة السوفيات والعرب ومع الأميرة الراحلة ديانا. وتظل العناوين الثقافية المشوقة هي الطابع المميز لقناة روسيا اليوم كما يظل موقفها من التراث السوفياتي عقلانياً متوازناً لا يحمل أياً من أساليب المدح أو القدح المعروفة في الدول التي تغيرت فيها الأنظمة كما كانت تغطيتها للحرب على غزة هي الأفضل بين الفضائيات الأجنبية الباردة... ترى، ألا يعتبر هذا كله نموذجياً في العمل التلفزيوني ويستحق الاشارة؟