تشهد العاصمة السورية دمشق استعدادات كبيرة على المستويين الرسمي والشعبي لمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الرسمية إلى سورية خلال الأيام القليلة المقبلة تلبية لدعوة من الرئيس السوري بشار الأسد. ويتخلل زيارة خادم الحرمين، برنامج احتفالي كبير في مدينة حلب شمال سورية. وتسعى السعودية من خلال الزيارة ومنذ مبادرة «المصالحة العربية» التي طرحها خادم الحرمين خلال قمة الكويت الاقتصادية، إلى ضخ دماء جديدة في العلاقات العربية - العربية وإعادة مسارها إلى الوضع الصحيح. وعلمت «الحياة» أن محادثات الملك عبدالله والرئيس الأسد تتناول البحث في ملفات العراق واليمن، إضافة إلى القضية الفلسطينية والعلاقة مع إيران، والموضوع اللبناني، إضافة إلى ملف العلاقات الثنائية وتعزيزها. وتهدف زيارة خادم الحرمين الشريفين، إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الرياضودمشق، وبحث أوضاع المنطقة، والدور الذي يمكن للبلدين الشقيقين القيام به من أجل تعزيز الموقف العربي في مختلف القضايا، وفي مقدمها قضية السلام والرفض الإسرائيلي للمبادرة الأميركية والتهديدات التي تواجه المنطقة بسبب سياسات إسرائيل، كما سيتم البحث في العلاقات العربية - العربية والوضع في لبنان». وكان الرئيس السوري زار جدة وشارك في افتتاح خادم الحرمين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، واجتمع مع الملك عبدالله قرابة الساعتين، وكان اللقاء ايجابياً وناجحاً بكل المقاييس»، و«تطرق لمجمل الأوضاع العربية والإقليمية». وأكد الرئيس السوري خلال المحادثات، بحسب المصادر، وجود رغبة صادقة لدى دمشق للعمل على انهاض الوضع العربي والوفاء بالوعود التي قطعتها على جميع المستويات. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أكد في تصريحات صحافية أنه لا توجد مصالحة سعودية - سورية بل هناك علاقات طيبة بين البلدين. وسلم وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال الأسبوع الماضي رسالة من الرئيس بشار الأسد إلى خادم الحرمين الشريفين، تسلمها في جدة وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة. وشمل التقدم في العلاقات بين البلدين أيضاً الجانب الديبلوماسي، إذ وافقت حكومة المملكة العربية السعودية على طلب اعتماد وزير الإعلام السوري السابق مهدي دخل الله سفيراً لدمشق لدى الرياض، وذلك بعد وصول السفير السعودي الجديد عبدالله العيفان إلى دمشق بعد شغور المنصب لأكثر من عام. وأوضحت مصادر مطلعة أن العلاقات السورية - السعودية «تأخذ إطاراً عربياً وإقليمياً شاملاً ولا تقتصر في البحث على ملف بحد ذاته». من جهته، أكد أكاديمي وخبير سوري في العلاقات الدولية، أن دمشقوالرياض تمكنتا بالفعل من تجاوز مرحلة الجفاء التي طبعت العلاقات بينهما على مدى السنوات الثلاث الماضية، لكنه شدد على دقة توصيف الحالة الراهنة لهذه العلاقات بأنها بلغت مرحلة ما بعد النقاهة. وأوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور ابراهيم دراجي أن مرد التحسن المضطرد في العلاقات السورية - السعودية لا يعود فقط لما جرى في قمتي الكويت والدوحة العربيتين، وإنما لطريقة التعاطي مع القضايا الخلافية بين القيادتين. وقال: «العلاقات السورية - السعودية ربما لم تستعد المرحلة التي كانت عليها في السابق، لكنها تجاوزت مرحلة الجفاء والبرودة التي طبعت العلاقات بينهما طوال السنوات الثلاث الماضية، والعلاقات الآن هي في مرحلة ما بعد، وهذه من مفاعيل قمتي الكويت والدوحة. وأشار الدراجي إلى أن ما جرى خلال الأشهر الماضية بعد قمتي الدوحة والكويت بين دمشقوالرياض رسخ النهج العقلاني في معالجة الملفات الخلافية، وأكد أن ما يجري الآن هو بداية جادة لعلاقات يفترض أن تكون صلبة. وقال: «ما جرى خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد قمتي الكويت والدوحة، وجرى حوار جدي لتذليل الكثير من ملفات الخلاف التي كانت تلبد سماء العلاقات بين البلدين، وقد ساعد على ذلك أمور كثيرة منها رحيل إدارة بوش، إضافة إلى قدوم حكومة نتنياهو التي أشعرت العرب والمسلمين بخطورة الوضع وضرورة اتخاذ موقف موحد تجاهها، ولا سيما لجهة ضبط الأمن والاستقرار في لبنان وفلسطين، وهما نقطتا البداية للتعاون والتنسيق السوري - السعودي نتمنى لهما التوفيق فيه»، على حد تعبيره.