أكد المفكر علي حرب أن التطور الهائل في وسائل الاتصال والشبكات الأثيرية الفائقة، تلغي الحدود بين المجتمعات، «على نحوٍ يجعل المعلومات والرموز والصور تجتاح الناس في حجراتها، ما ينتهك الثوابت والمحرمات الأمر الذي يجعل الكلام على حرية النشر أو الخشية منه غير ذي موضوع، كما يجعل أعمال الضبط والرقابة على الكتب والمنشورات غير مجدية ولا فعالة»، مشيراً إلى أن ما تمنعه أجهزة الرقابة «يمكن الحصول عليه بوسائل أخرى». وتناول حرب، في ورقة قدمها في الجلسة الأولى من جلسات مؤتمر الناشرين العرب الأول صباح أمس، وكانت بعنوان «حرية النشر والتعبير بين حجب المعرفة ونشر الشعوذة»، فتوحات العولمة وما بعد الحداثة والزيف والانتهاك والمحافظة والفصيحة، مشيراً إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية، «تضيق الآن بما كانت تتسع له من قبل، سواء من جهة الأنظمة السياسية والمؤسسات الدينية أو من جهة المنظمات الحزبية والنخب الثقافية». وأوضح أنه لا يمكن أن يغفل المجتمع الأهلي وضغوطه على حرية النشر، «ففي بعض البلدان يلجأ عمال المطابع الذين يشتغلون بتنضيد الكتب إلى حذف العبارات التي يعتبرونها مسيئة إلى الدين»، مشيراً إلى أنه في بعض دول الخليج تبدو الحكومات أكثر تقدماً وتساهلاً، في مسألة الحريات، من مجتمعها الأهلي الشديد المحافظة. وتحدث رئيس اتحاد الناشرين السوريين محمد عدنان سالم في الجلسة نفسها، عن كفاح الإنسان من أجل حرية التعبير، مشيراً إلى أن الإنسان «كلما ضاقت أوعيته المعلوماتية عن الاستيعاب، يبحث لها عن أوعية جديدة، إذ انتقل بالكلمة تدريجاً إلى أوعيتها الإلكترونية الجديدة»، مؤكداً أن رقابة المجتمع «تنطلق من الحفاظ على قيمه وتقاليده وأعرافه، ما يعوق عملية التجديد وطرح أفكار جديدة تتجاوز المألوف؛ فإنَّ تجاوزها واختراقها مرهون بقدرة صاحبها على الحوار والإقناع، أما رقابة السلطة فمرهونة بنوع هذه السلطة». وفي الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان «تسويق وتوزيع الكتاب» وأدارها محمد علي الخضير من السعودية وشارك فيها كل من رئيس الاتحاد الدولي للكتاب الموزعين سابقاً الدكتور جريهارد داست وأستاذ التسويق في الجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور أحمد طاهر والأمين العام لاتحاد الناشرين العرب بشار شبارو، تناول شبارو «وضعية التوزيع كما هي في العالم العربي، والمشكلات التي تعوق وصول الكتاب إلى القارئ»، مبيناً أن صناعة الكتاب «تعتمد على وجود ترابط حلقاتها بعضها ببعض، بدءاً من التأليف أو الترجمة أو التحقيق إلى القارئ». وذكر أن المعارض، التي تنظّم بهدف التعريف والترويج وإقامة العلاقات بين الناشرين والالتقاء بالمؤلفين وأصحاب الحقوق، «تحوّلت إلى ساحة تجارية أساسية للبيع والشراء في ظل غياب آليات التوزيع الحقيقية، وفي ظل قلة حيلة الناشر الذي تشتتت جهوده بين وظيفته الأساسية وبين ضرورة تصريف الكتب التي ينشرها، وأصبح مكرها يقوم بدور الموزع وهو غير مستعد وغير مؤهل له». وقال الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب «إن غياب سياسات التسويق، أثر أيضاً بشكل غير مباشر في تراخي عملية توزيع الكتاب، فقلةٌ هم الناشرون والموزعون الذين يملكون سياسة دعائية وتعريفية بالكتب التي يصدرونها». وقدم أستاذ التسويق في الجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور أحمد طاهر عرضاً مرئياً عن الحلقات المفقودة، في سلسلة القيمة للكتب في العالم العربي، بين من خلاله أن دور الموزع تجاه الناشر يأتي من خلال زيادة تغطية السوق، إضافة إلى إجراء الاتصالات الخاصة بالمبيعات مع الاحتفاظ بمخزون استراتيجي. ومن الناشرين والكتاب الذين شاركوا رئيس جمعية الناشرين السعوديين أحمد الحمدان والأديب حمد القاضي.