أجمعت توقعات المراقبين، أمس، على أن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة تمكن من تحقيق «فوز كاسح» ضد منافسيه الخمسة في تاسع انتخابات رئاسية في تاريخ الجزائر المستقلة. وكان الرهان الوحيد في اقتراع أمس ليس فوز بوتفليقة بل تمكنه من تسجيل أكبر مشاركة شعبية ممكنة. وبحسب الأرقام التي قدمتها وزارة الداخلية، فقد سُجّلت نسبة «عالية» فاقت نسب رئاسيات 2004، ما يعني فشل الدعوات التي صدرت لمقاطعة الاقتراع. وبلغت هذه النسبة حوالى 50 في المئة عند الثالثة والنصف بعد الظهر بالتوقيت المحلي، حسب وزارة الداخلية. وفي انتظار إعلان النتائج الرسمية والنهائية في مؤتمر صحافي يعقده صباح اليوم وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني، كان أنصار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أطلقوا تظاهرات كبيرة احتفاء بنجاحه في تحقيق «مشاركة شعبية كبيرة» في التصويت أكثر من احتفالهم بفوزه الكاسح المتوقع. وعلّق مصدر في مديرية حملة بوتفليقة ل «الحياة» على الأرقام المسجلة لنسبة المقترعين واعتبرها «صفعة لدعاة المقاطعة». ومعلوم أن بوتفليقة كان يلمح، خلال حملته الإنتخابية، إلى أنه يرفض القبول بالحكم إذا تدنت نسبة المشاركة دون مستوى الغالبية الساحقة، وقدّم بعض الأوساط انطباعاً مفاده أن بوتفليقة الذي فاز على التوالي في إنتخابات 1999 و 2004، لم يكن في الحقيقة يشعر بأن أياً من خصومه يشكّلون منافسين حقيقيين له، لكنه كان في حملة للبحث عن «غالبية شعبية». ووعد بوتفليقة خلال الحملة بتطوير المصالحة الوطنية، وأشار إلى إمكان الذهاب نحو «عفو شامل» ولكن في إطار إستفتاء شعبي. لكن مراقبين يستبعدون توجه بوتفليقة نحو هذا الخيار، ويقولون إنه سيجري على الأرجح بعض التعديلات في تطبيق المصالحة بهدف إفادة فئات محددة من الذين تخلّوا عن العمل المسلح من إجراءات مادية ومهنية (إيجاد وظائف عمل أو إعادة من خسروا وظائفهم إليها). ويصف مراقبون ثالث ولاية لبوتفليقة بأنها ستكون «نهاية مرحلة إنتقالية» قادها هو منذ 1999 حين كان العنف السياسي يعصف بالبلاد، ويأمل بان يبلغ بها مرحلة «إرساء حكم مدني» بمؤسسات دستورية كان حدد معالمها في الدستور المعدل للبلاد قبل نهاية العام الماضي. وسيواجه بوتفليقة معضلة إنهاء مظاهر العنف الذي تمارسه الجماعات المسلحة الرافضة لأي مهادنة مع السلطات الجزائرية. وهو وعد بالعمل على استتباب الأمن في شكل نهائي في الفترة المقبلة، وتكريس جهوده في التنمية الإقتصادية والإجتماعية التي اعترف قبل فترة بأنه «أخطأ الخيارات» في تحقيق بعضها.