بروكسل - ا ف ب - يحتفي مهرجان "العالم المحكي" في بروكسل بالذكرى العشرين للحظة التغيير الرمزية في العالم التي مثلها سقوط جدار برلين بسلسلة نشاطات ثقافية بينها اعمال تركز على الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية. وتساءل احد منفذي هذه الاعمال "كيف يمكننا الاحتفال بذكرى سقوط جدار برلين وهناك جدار آخر" قائم الان. صاحب التساؤل هو الممثل المسرحي البلجيكي فرانك فروكرويس الذي عرض في افتتاح المهرجان عملا تركيبيا من صور "لجدار الفصل العنصري" في الاراضي المحتلة كما يصفه الفلسطينيون. وقد قدم صورا التقطها خلال سفره على طول الجدار ومزجها بكتابات نثرية للمؤلف البريطاني جون بيرغر, بمصاحبة موسيقا ميزت عام 1989, سنة سقوط جدار برلين. ويقول الممثل البلجيكي العضو في فرقة "تي جي ستان" المسرحية البلجيكية, في حديث لوكالة فرانس برس انه كان عائدا لتوه من رحلة الى الاراضي الفلسطينية. واضاف انه عاين فيها الجدار الذي يقيمه الاسرائيليون في الضفة الغربية و"عندما طلب منه منظمو مهرجان "العالم المحكي" تقديم عمل يتعلق بعام 1989 وسقوط جدار برلين اختار اقامة علاقة بين الجدارين". واوضح ان "تجربة رؤية الجدار كانت مقرفة لي كسائح, فكيف بالنسبة لفلسطينيين يعانون منه يوميا؟". ويرى فروكرويس في مهرجان "العالم المحكي" الذي افتتح السبت, فرصة للحديث عن الجدار في الاراضي المحتلة. ويقول "لا اريد ان يعم السكوت حول هذا الموضوع", متذكرا حديث احد المخرجين الالمان عن جدار برلين وقوله "حتى لو لم نستطع فعل شيء ضده, فعلى الاقل يمكننا الحديث عنه". ويتابع الممثل البلجيكي ان "الفرق بين جدار برلين وجدار الفصل هو ان الاخير يستخدمه الاسرائيليون ليرهبوا الفلسطينيين به ويستغلونه كقوة احتلال". ويتساءل باسف "كيف يمكننا الاحتفال بسقوط جدار برلين وبعد عشرين عاما هناك واحد جديد. اذا كنا سعداء بسقوط الاول فلماذا لا نوقف بناء الثاني؟". والدورة الثانية من مهرجان "العالم المحكي" التي تستمر حتى 11 تشرين الاول/اكتوبر, جعلت العام 1989 محور نشاطاتها, اذ ينظر منظموها الى سقوط جدار برلين على انه "لحظة رمزية" لتغيرات مفصلية طالت العالم. فذلك العام شهد نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الاشتراكي, اضافة الى موت الخميني في ايران ومجزرة تيان انمين في وسط العاصمة الصينية. كما شكل بداية نهاية التمييز العنصري في افريقيا وكذلك "انتصار الليبرالية الجديدة". ولذلك اختار المنظمون ان يستضيفوا فنانين وكتابا واصحاب رأي من دول مختلفة, ليحكوا عن "التسارع الهائل في تاريخ العالم الذي برز بين 1989 و2009 والعالم الذي نتج من هذا التسارع". وقبل ان يعرض العمل المركب عن "الجدار", تحدث المخرج اللبناني ربيع مروة الى الجمهور عن تجربته مع الحرب الاهلية في لبنان والمواجهات العسكرية التي عايشها في بيروت في 1989. وبينما كان مروة يتحدث في احدى قاعات الطابق الثاني من مبنى "كايتياتر" (مسرح الضفة منظم المهرجان) وسط بروكسل, كان الجمهور يشاهد له ايضا في الطابق الاول, تجهيز فيديو بعنوان "انا الموقع ادناه" يعتذر فيه, بشيء من السخرية, عن الاعمال التي "اقترفها" خلال الحرب الاهلية لان "احدا من زعماء الحرب لم يعتذر عما فعله" كما يقول. تجهيز الفيديو للمخرج اللبناني كان جزءا من عرض سابق له بعنوان "كيف بدي وقف تدخين", لكن مروة قال لفرانس برس انه يعتبر هذا التجهيز عملا "جديدا ومستقلا عن العرض". وقد قدمه كنص بالانكليزية الى جوار شاشة تعرض تسجيل فيديو هو عبارة عن بروفايل ثابت لوجه مروة (باستثناء فتح واغماض العينين) يصاحبه تسجيل بصوته لنص الاعتذار. يوضح مروة انه كان من المفترض ان يقدم عرضا خاصا لمهرجان "العالم المحكي" يستوحيه من تجربته الشخصية خلال المواجهات العسكرية في بيروت 1989 حيث قصف منزل اهله وجرح بعضهم. لكنه احس ان العرض سيكون "عاطفيا جدا". وقال "اكتشفت اني ما زلت متاثرا حتى الان ولم استطع اخذ مسافة مما حدث". واختار مروة الحديث مباشرة عن تجربته, لانه لم يرد تقديم عرض قد يبدو وكانه يلعب فيه على عواطف الجمهور ويصور تجربته "كضحية" لان ذلك "يعطل امكانية مشاركة الجمهور وتفكيره بالعرض", مؤكدا ان المسرح "مكان لتنمية الافكار" مع الجمهور. وجمهور مهرجان "العالم المحكي" الجمعة المقبل على موعد مع عرض موسيقي يستحضر هو الاخر "جدار الفصل" في الاراضي المحتلة, كتب موسيقاه المؤلفان البريطانيان اولاندو غو وريتشارد تشو. وسينشد 300 مغن ينتمون الى عشر جوقات غناء, من مختلف انحاء بلجيكا بالعربية والانكليزية والعبرية, نصوصا للشاعرين محمود درويش وادونيس وللكاتب والممثل الاميركي سام شيبارد, تم اعدادها بمساعدة الكاتبة المصرية نوال السعداوي. وفي اطار المهرجان, شاهد الجمهور عروضا اخرى عديدة, منها تجهيز فيديو للبناني الكندي جيس سلوم بعنوان "الجميلة والشرق" (لعب على عنوان فيلم الكرتون الشهير "الجميلة والوحش") محوره الحرب الاهلية اللبنانية والشعور بالوطن والدولة و"رفض الهويات السياسية والفاشية الاثنية".