مع الانتخابات غير اللبنانية يوماً آخر. ثمة عبارة ذائعة تنسب الى الرئيس ابراهام لنكولن هي: أنت تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وكل الناس بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت. بعد قرن ونصف قرن جاء من قال إنك لا تحتاج أن تخدع كل الناس كل الوقت، إذ يكفي أن تخدعهم في الانتخابات. جورج بوش الابن خدعهم في انتخابات السنة ألفين وبقي في الحكم أربع سنوات، وخدعهم مرة ثانية وبقي في الحكم أربعاً أخرى ومعه ديك تشيني، والشعب الأميركي لا يمكن أن يكون فخوراً بأن يخدع مرتين متتاليتين، إلا أنه حاول أن يصحح الخطأ واختار باراك أوباما وجو بايدن، وهما حتماً أفضل، مع بقاء المفارقة أنه عندما كان الأميركيون أربعة ملايين كان عندهم جفرسون وفرانكلن، وعندما أصبحوا ثلاث مئة مليون أصبح عندهم ريغان وبوش. ولكن لماذا أتحدث عن أميركا وانتخاباتها وأنا في بيروت والانتخابات اللبنانية أهم شيء في العالم، فلا أسمع إلا عنها. أمس تحدثت عن الانتخابات في غينيا وغينيا بيساو، وهما دولتان لا دولة واحدة، ورجحت أن الناخب اللبناني غير مهتم بهما على رغم احتمال وجود مهاجرين لبنانيين فيهما، واليوم أزف اليه خبر انتخابات في الهند تبدأ في 16 من الشهر الجاري، وتجرى على خمس دورات تنتهي في 16 من الشهر المقبل. وربما كان صحيحاً انها ليست في أهمية انتخاباتنا، غير أنها تشمل 750 مليون ناخب، أي ما يعادل ناخبي دائرة بيروت الثانية. بعد أزمة معبد أبوجا في التسعينات زرت الهند وأجريت مقابلة مع رئيس وزرائها ناراسيما راو. وأذكر من تلك الزيارة ميداناً كبيراً في نيودلهي ارتفع في جانب منه عدّاد يدور بأسرع من عدّاد تاكسي في لندن، ويسجل الزيادة المستمرة في سكان البلاد. وهم زادوا بضعة ألوف، وأنا أنظر اليه، وكان عدد السكان حوالى 800 مليون أصبحوا الآن 1.1 بليون نسمة، أي أنهم في عقد ونصف عقد زادوا بأكثر من أمة العرب كلها، فاقتضى التنويه ووجب الاهتمام بانتخاباتهم التي ستبدأ وتنتهي قبل انتخاباتنا. بعد الانتخابات اللبنانية بأيام، وتحديداً في 12 حزيران (يونيو)، ستجرى انتخابات الرئاسة في ايران، وسيواجه الرئيس محمود أحمدي نجاد «المتطرف» مرشحاً «معتدلاً». والصفتان هاتان ليستا من عندي، وإنما هما استعمال غربي، خصوصاً أميركي، ما يعني عدم فهم ايران واستمرار المشكلة معها. المشكلة هي البرنامج النووي الإيراني، وهو أُلصِق بأحمدي نجاد مع أن عمره كان أكثر من 17 عاماً قبل أن يخلف رئيس «متطرف» رئيساً «معتدلاً» هو محمد خاتمي الذي حافظ على صفته على رغم أن البرنامج استمر في سنوات حكمه الثماني، وسيستمر بأحمدي نجاد أو من دونه. هناك انتخابات رئاسية مقبلة في أفغانستان ومشكلة من نوع آخر، فالدستور ينص على أن تجرى قبل شهر على الأقل من نهاية ولاية الرئيس الحالي، ما يعني في 21 من هذا الشهر على أبعد تقدير، إلا أن لجنة الانتخابات اختارت آب (أغسطس) المقبل بحجة أن مناطق كثيرة من البلاد ستظل تعزلها الثلوج حتى نهاية الربيع. والآن تريد أحزاب المعارضة أن تجرى الانتخابات في موعدها أو يتنحى حميد كرزاي في نهاية ولايته، ولا يساعد الأميركيون الوضع الأفغاني كثيراً فهم «تبرعوا» بأربعين مليون دولار لاجراء الانتخابات ما يثير شكوكاً محلية في نزاهتها. انتخابات نزيهة؟ الكلمتان متناقضتان، ولا أفهم أحياناً أن يحتج مرشح لأن الصحف تنشر أكاذيب عنه، فالأكاذيب تظل أهون من أن تنشر الحقيقة عن الرجل. أيضاً لا أفهم الاعتراض على وجود نواب حمقى في البرلمان، أي برلمان، فغالبية الشعب، أيضاً اي شعب، حمقى وهؤلاء يجب ان يجدوا من يمثلهم في البرلمان. والناس إذا لم يكونوا حمقى فهم «زعران» لذلك لا يكفي للراغب بالنيابة أن يطلب أصوات «الأوادم» لأنهم أقلية في كل بلد. الانتخابات اللبنانية في 7 حزيران، وهي انتخابات في بلد واحد جميل، إلا أنه صغير، فلعل اللبناني يتابع انتخابات الاتحاد الأوروبي بين الرابع من حزيران والسابع منه فهي في 27 بلداً وعلى 716 مقعداً لتمثيل 500 مليون مواطن. لا يزال في جعبتي سهم أخير لينسى اللبناني انتخاباته، ففي 7 حزيران (أو 14 منه) ستجرى انتخابات لخلافة فنسنت بولودا، الرئيس الموقت لنادي ريال مدريد، الانتخابات الكروية هي أمّ الانتخابات.