أكد المستشار القانوني محامي الشاب المتهم ب«المجاهرة بالمعصية» سليمان الجميعي أن قضية موكله أخذت أكثر من حجمها في وسائل الإعلام، متهماً بعض هذه الوسائل بإثارة الرأي العام ضده وإظهاره بمظهر الجاني على رغم أنه «المجني عليه». وحمّل المحامي المسؤولية كاملة على القناة التي خالفت النظام السعودي الذي يعتمد في أساسه على الشريعة الإسلامية، بهدف الشهرة والربحية على حساب سمعة المجتمع السعودي وكرامة موكله. واعتبر المحامي سليمان الجميعي موكله ب «المغرر به»، مؤكداً أن الدليل الموجه ضده باطل بحسب الشريعة الإسلامية والنظام والقانون، وأن المسؤولية كاملة تقع على القناة. وكانت والدة المتهم ب «المجاهرة بالمعصية» أدخلت العناية المركزة بعد علمها بالتهم الموجهة لإبنها، قبل أن تتحسن وتخرج، إلا أنها أعيدت مرة أخرى إلى قسم العناية المركزة أمس. كيف ينكر موكلك التسجيل وصوته وصورته مثبتان فيه؟ - كل متهم يوجه إليه الاتهام إما أن يقر وعندها لا حاجة لبحث أي أدلة أخرى كون الإقرار حجة ودليل على المقر، أما في حال الإنكار فيجب البحث عن دليل الاتهام من ناحية شرعية، والتقصي عما إذا كان الدليل وليد إجراء مشروع أم باطل قبل توجيه الاتهام أو رفع الدعوى، فلا يمكن توجيه الاتهامات لإقامة الدعاوى بناء على أدلة باطلة، فالأدلة هي سند الأحكام، والأحكام لا تبنى على أدلة باطلة، وموكلي ينكر هذا الدليل منذ عرض البرنامج منذ أكثر من شهرين، وقد وكلني وهو ينكر هذا الدليل ولا يزال على إنكاره حتى الآن. هل إنكار الدليل سينفي التهمة عنه؟ - يجب البحث - كما ذكرت - عن مشروعية وصحة الدليل قبل استعماله كدليل اتهام، ولدي ما يثبت بطلان هذا الدليل من الكتاب والسنة ومن نصوص نظام الحكم ومن نصوص النظام العام، وأقصد به نظام المرافعات أمام المحاكم ونظام الإجراءات الجزائية، ومن جهة ثانية فلدي ما يثبت بطلان هذا الدليل من النظام المختص وهو نظام المطبوعات والنشر. وما الذي يثبت بطلان دليل الاتهام ضد موكلك؟ - إن دليل الاتهام الموجه ضد موكلي هو مادة إعلامية، عبارة عن فيلم تسجيلي أو شريط فيديو جرى تسجيله من مكتب القناة بجدة، واتفق جمهور علماء المسلمين على أن اشتراطات قبول الدليل خمسة (العدالة، البلوغ، الإسلام، الحرية، ونفي التهمة)، فالعدالة شرط أساسي لقبول الدليل وصحته، أي أن الدليل لا بد أن يصدر من جهة تتمتع بالعدل ورضى الناس عنها، وهو شرط نص الله عليه في كتابه فقال تعالى: (ممن ترضون من الشهداء)، كما قال تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم)، كما قال: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) كما أنه نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه). وقناة (LBC) من خلال مكتبها في مدينة جدة لا تتمتع بالعدل ولا برضا الناس عنها، فأقل موجبات العدل أن يكون مكتب هذه القناة مرخصاً، فما بالك بأن تكون هذه القناة عادلة في تصرفاتها وفي ما تعرضه، وأن تحوز على رضا الناس، ومن خلال هذه النصوص الشرعية الكريمة يثبت بطلان هذا الدليل استناداً إلى الكتاب والسنة. كما أن المتوجب بحث مشروعية الدليل ومصدر نشوئه قبل اعتماده كدليل صحيح، وإن كان هذا الدليل وليد إجراء باطل، فإنه دليل باطل لا يعتد به ولا تقوم به الحجة ولا يقع به عبء الإثبات، وبتطبيق ذلك على دليل الاتهام الموجه إلى موكلي يتضح أنه صدر مخالفاً للنظام العام، فقد نصت المادة (188) من نظام الإجراءات الجزائية على «كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المستمدة منها يكون باطلاً». كما نصت المادة (6) من نظام المرافعات الشرعية على أن «يكون الإجراء باطلاً إذا نص النظام على بطلانه». وهذا الدليل (فيلم الفيديو المسجل الصادر من قناة «LBC») والموجه كدليل اتهام ضد موكلي هو دليل باطل ومخالف لأحكام الشريعة الإسلامية ومخالف للأنظمة ومخالف للنظام، وبالتالي ما يكون باطلاً لا يصح أن يعتد به كدليل اتهام. كذلك الدليل باطل من النظام المختص (نظام المطبوعات والنشر الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/32) وتاريخ 30/9/1421ه)، فنظام المطبوعات والنشر صادر بمرسوم ملكي كريم، ولا يجوز تعطيله، بل الموجب هو تفعيل هذا النظام والعمل به، كما أنه لا يجوز أن يقابل هذا النظام باستثناء أو أمر خاص يؤدي إلى تعطيل تفعيله والعمل به، فالأنظمة الصادرة بمراسيم ملكية لا تعطل أو تستثنى إلا بأوامر ملكية مثلها، ولم يصدر عن ولي الأمر بعد نشر هذا النظام في الجريدة الرسمية ما يوحي بتعطيله أو عدم تفعليه، وبالتالي فالتمسك بضرورة تطبيق هذا النظام في قضية موكلي هو حق مكفول لموكلي يوجبه الشرع والنظام وبتطبيق مواد نظام المطبوعات والنشر على دليل الاتهام الموجه ضد موكلي يثبت بطلان هذا الدليل. من المسؤول الحقيقي الذي تجب محاكمته؟ - من كل ما تقدم من نصوص يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بطلان دليل الاتهام الموجه ضد موكلي، وأنه لا يجوز استخدام هذا الدليل كدليل اتهام بل الواجب البحث عن المسؤول الحقيقي عما نُشر وتحميله المسؤولية. والمسؤولية واضحة استناداً إلى نصوص النظام، فقد نصت المادة رقم (15) من نظام المطبوعات والنشر على أن المؤلف والناشر والطابع مسؤولون عما يرد في المطبوعة من مخالفات إذا وضعت للتداول من دون إجازتها. وهذا النص يعفي موكلي من مسؤولية ما نشر ويحمل المسؤولية كاملة لقناة LBC فالنظام صريح وواضح، فلا ينبغي أن يكون المقصود من العقوبة تقديم المتهمين كقرابين على مذابح تحت شعار تحقيق العدالة أياً كان الجرم، لأن الأساس في الشريعة الإسلامية السمحة هو أن العقوبات شرعت رحمةً من الله بخلقه ورغبةً منه سبحانه وتعالى في الإحسان إليهم. إذاً أنت تضع المسؤولية على القناة؟ - خالفت قناة LBC نظام المطبوعات والنشر، حين اختارت موضوع الحوار التسجيلي، وحين قامت بمنتجة هذا الحوار بكيفية تتعارض مع الدين الحنيف ومكارم الأخلاق وعادات وتقاليد المجتمع السعودي. ونصت المادة رقم (3) من نظام المطبوعات والنشر على أن «يكون من أهداف المطبوعات والنشر الدعوة إلى الدين الحنيف ومكارم الأخلاق والإرشاد إلى كل ما فيه الخير والصلاح، ونشر الثقافة والمعرفة»، كما خالفت قناة LBC نظام المطبوعات والنشر عندما يُنشر التسجيل من دون إجازته من وزارة الإعلام، وقد نشرته بكيفية تمس بكرامة موكلي وحريته وتضر بسمعته. كما نصت المادة (9) من نظام المطبوعات والنشر على «أن يراعى عند الإجازة ألا تخالف نص أحكام الشريعة، وألا تؤدي إلى المساس بكرامة الأشخاص وحرياتهم أو إلى ابتزازهم أو إلى الأضرار بسمعتهم أو أسمائهم التجارية». كما نصت المادة (13) من نظام المطبوعات والنشر على أنه «على كل مؤلف أو ناشر أو طابع أو موزع أن يقدم نسختين إلى الوزارة لإجازتها قبل عرضها للتداول وعلى الوزارة إجازتها أو رفضها مع بيان الأسباب خلال 30 يوماً ولصاحب الشأن التظلم من قرار الرفض لدى الوزير». فالقناة بمخالفتها لهذه النصوص الصريحة تثبت بطلان دليل الاتهام الموجه ضد موكلي، إضافة إلى أن القناة بعد أن سجلت شريطها المشبوه لم تقم بعرضه على موكلي ولم تحصل على موافقته المكتوبة للنشر، وبذلك تكون تعدت على حقه في الرفض وأصبحت إرادته إرادة معيبة ناقصة، فهو لم يظهر على الهواء مباشرةً حتى نحمله المسؤولية، وأبسط حقوقه المكفولة له شرعاً ونظاماً ألا يحرم من حق الرفض. إذاً أين القضية؟ وما سبب تصعيدها إذا كان الدليل باطلاً؟ - توجد أسباب عدة أسهمت في تأجيج الرأي العام وتضخيم هذه القضية وإعطائها أكبر من حجمها، ومن وجهة نظري فأهم هذه الأسباب كونها قضية إعلامية، ونظراً لخطورة دور وسائل الإعلام ومدى تأثيرها في الناس وسيطرتها على جزء كبير من وقتهم، أصبح الناس يهتمون بما يطرح في وسائل الإعلام المختلفة. ومن ناحية أخرى، اهتمت وسائل الإعلام نفسها بهذه القضية بشكل كبير وأفردت لهذه القضية جزءاً كبيراً من الوقت ومن المساحة، كون هذه القضية ظهرت في فترة الصيف وهي فترة كما تعلمون غالباً ما تكون خالية من الأحداث التي تستهدفها وسائل الإعلام، فلم يكن هناك حدث سياسي أو إعلامي أو حتى رياضي مهم خلال هذه الفترة، فوجدت بعض وسائل الإعلام في هذه القضية مادة دسمة يمكن أن تستغلها للتسويق وجذب المشاهد أو القارئ. يتردد عن مطالبات بالحكم عليه بحد الحرابة أو التعزير وهناك من طالب بقصاصه ونفيه؟ - إن كانت وسائل الإعلام أسهمت في التركيز على القضية محلياً فإن بعض الفتاوى التي صدرت من بعض مفتي القنوات الفضائية والتي أعتبرها فتاوى متعجلة، كونها صدرت قبل دراسة كامل تفاصيل القضية والاطلاع على حيثياتها وقبل معرفة مخالفة القناة للنظام وعدم وجود ترخيص لمكتبها في جدة، كانت السبب المباشر في تركيز وسائل الإعلام على هذه القضية. ولا يتخيل أحد حجم الاتصالات التي وصلتني من صحف أجنبية ووسائل إعلام أجنبية كلها كانت تسأل: هل قتل موكلك؟ أو متى سينفذ الحد في موكلك؟ وهل صحيح أنه ستقطع يداه ورجلاه من خلاف؟ وغيرها من الأسئلة التي كانت تتعلق بما نشر في وسائل الإعلام من فتاوى متعجلة حول القضية. أنت ترفض الفتاوى في القضية؟ - الإفتاء في قضية تنظر أمام جهات الاختصاص يعد تدخلاً في استقلالية هذه الجهة، فمثلما حدد النظام أن من أفتى في قضية أصبح ممنوعاً من نظرها وسماعها ولو لم يطلب ذلك أحد الخصوم (بحسب نص المادة «90» من نظام المرافعات الشرعية)، وإن كان هذا النص يتعلق بالقضاء فقط، فماذا عمن أفتى في قضية معروضة على جهة تحقيق أو منظوره أمام القضاء؟ كيف يقضي موكلك أيامه في السجن؟ - موكلي في التوقيف على ذمة التحقيق في القضية، ويشعر بتحسن في حالته النفسية بعد أن علم أن مكاتب القناة أغلقت، لكنه لا يعلم حتى الآن بمرض والدته.