تأخرت في الحديث عن السجال الدائر لأيام حتى أحسبُ صوتاً منفرداً برأي منفصل لا يربط بين حضور منبري ورأي محلي، أو لكي لا يحسب الرأي في معركة الآراء متصلباً ومحسوباً على تيار ومنتمٍ لفريق أو لفئة قليلة مقابل فئة غالبة أو العكس، واثقاً من أن ميدان الرأي مفتوح على مصراعيه للتلاقح الفكري وتبادل القناعات حتى وان وصلنا بالمجموع إلى خط ما قبل النهاية في الرأي الكامل، والحوار بمجمله «ثراء وتفاهم وجمع لآراء لم تشاهد الهدف أو ظلت تناور دونه كما هو حارس المرمى الرياضي لحظة تصديه لركلة جزاء»، ورغبة في تصحيح رؤية كثيرين ممن قد تصل لهم بعض الآراء إلى القلب مباشرة لأنها تأتي في دقائق خلوة، أو اختلاط في الرؤى والأفكار. أكثر ما يخيف مجتمعنا وربما لضخامة حرف الخاء في المبتدأ ممزوجاً بخاتمة الطاء - الاختلاط - لأنه يعني ثالوث المعصية والشك والانحراف في ربط معتاد ولم نسلم – مع الحرص - من الثلاثي رغم الخوف والدفاع المستميت، ورغم توترنا ولا نزال لا نجيد التفريق بينه تماماً وبين الخلوة «وقود الثلاثي» التي تختلف كلية عن «مفردة الخاء» بلا حاجة لتمييز أو مناورة. استيقظت مفردة الاختلاط، وهذا ما أسمعه وأرى ردة فعله، حين حضر الوطن بصوت لا يشبهه أحد عبر جامعة الملك عبدالله، فما وجه المقارنة والمقاربة أن نوقظ النائم ونثير كل الذين قد يتقاطعون مع الصرح العلمي مستقبلاً عبر ابن أو بنت أو أخ وأخت بربط ليس هذا مكانه، برغم وجود وجوه الاختلاط لكن بلا جرأة على الطرق لأنها تتماشى مع مصالحنا الشخصية، هذا إن اعتبر الاختلاط على مفهوم موقظيه غارقاً في الوحل، وهل ما يحدث في واحد من المستشفيات يحسب لصالح مفردة الخاء والطاء أم لصالح الخلوة؟ ولماذا تتحرك ثقافة الشك لدينا مع كل رغبة للتطوير والارتقاء والقفز بذواتنا، ونحن الذين نشمر عن الأذرع ونقف في صمود لنطالب بأن تتغير الحاجات تبعاً لتغير حاجات المجتمع؟ هناك من يرى أن التحذير من الاختلاط شك بحت في المرأة، والآخر يقول انه حفظ احترافي للرجل والمرأة على حد سواء، ومع ذلك لم يتحدث صوت منبري واحد، أو قلم مسموع حين يخاف من الاختلاط عن ضرورة احترام بيئة العمل ورفع مستوى التفكير للأعلى، يذهب أبناؤنا وبناتنا إلى إحضار الشهادات العليا من الخارج، ويختلط الكل دون أن يكون هناك مجرد شك واحد، ومن كانت لديه كل عوامل الاستثارة والإثارة فلن يذهب للأمام في طريق التعلم والتعليم وحفظ الذات وسيعود. لندفع بالسجال إلى زوايا أخرى تبعد عن أماكن تلقي العلم والتحصيل المختلف، ولنترك هذا الصرح العلمي فقط بعيداً عن قسوة الشك بالأنثى لأنه رأي الأغلب، وليعتبر هذا الصرح بعيداً هناك لوقت بسيط ثم لنحسب فقط مخرجاته وثماره وانعكاسها على وطن يحتاج لأبنائه ويبحث عن الارتقاء ولم ولن يرتبط التطور بالاختلاط مطلقاً، ولنا فيمن حولنا حرية المشاهدة والتثبت قبل أن يأتي قارئ ليطالب بشل يدي وقلمي كما يطالب آخرون حين لا يعجبهم رأي، وأدرك فوراً حجم التهور والقسوة وحصرية الحراسة والوصاية في الداخل، لكن لا شيء من هذا يحدث حين تخرج الأقدام عبر أول طائرة دولية. [email protected]