اعتبرت إسرائيل قرار السلطة الفلسطينية سحب طلبها تبني «تقرير غولدستون» الذي دان الدولة العبرية بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، «انتصاراً» لحملتها الديبلوماسية المكثفة التي شنتها في الأيام الماضية على الساحة الدولية، و «تفهماً» لادعائها بأن من شأن تبني المجلس التقرير أن يسدد ضربة مميتة لعملية السلام في الشرق الأوسط. وأشارت مصادر سياسية إلى أن التحذيرات الإسرائيلية أتت مفعولها لدى واشنطن التي مارست بدورها ضغوطاً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليصدر تعليماته لممثل السلطة في مجلس حقوق الإنسان ليسحب الاقتراح الذي كان مفروضاً التصويت عليه أمس. ورأت أن إرجاء النظر في التقرير يمنح إسرائيل متنفساً ويريح أعصابها حتى آذار (مارس) المقبل على الأقل، عندما يعود المجلس إلى الانعقاد، إذ خشي قادتها من دحرجة التقرير إلى مجلس الأمن، ومنه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ونقلت الإذاعة العامة عن مسؤول إسرائيلي اعتباره سحب الطلب الفلسطيني وعدم إحالة الملف على الأممالمتحدة «إنجازاً ديبلوماسياً في غاية الأهمية» حال دون «احتفال مزدوج» لحركة «حماس» التي كانت ستحتفل، إضافة إلى احتفالها بإطلاق سراح الأسيرات الفلسطينيات العشرين، بتقديم إسرائيل للمحاكمة على حرب غزة. وتابع أن السلطة الفلسطينية أيضاً ليست معنية بمنح «حماس» انتصاراً آخر عشية مفاوضات المصالحة معها. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن الأميركيين شددوا على مسامع المسؤولين الفلسطينيين، وبالتنسيق مع إسرائيل، على أهمية استئناف المفاوضات مع إسرائيل قبل معالجة «تقرير غولدستون»، ووجوب العمل «للحؤول دون حدوث أي أمر من شأنه أن يمس باحتمالات تجدد المفاوضات». وعمد أركان الدولة العبرية في الأيام الأخيرة إلى «تحذير» العالم من أن تبني المجلس الأممي توصيات التقرير يعرقل عملية السلام. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الموقف الإسرائيلي لقي القبول لدى واشنطن التي ضغطت على عباس ليسحب طلب السلطة تبني التقرير. وأضافوا أن إسرائيل لم تعِد السلطة بأي «مقابل» لقاء سحب الطلب، «لكن الفلسطينيين أدركوا أن لديهم الكثير يخسرونه في حال لم يسحبوه... والأبعاد الخطيرة المنطوية على دفع تقرير غولدستون إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي». وشددوا على أنهم أوضحوا أيضاً للعالم أنه «يستحيل» أن تجري إسرائيل عملية مفاوضات سلمية وفي الوقت ذاته تتعرض لهجوم شديد في المؤسسات الأممية.