اختتمت أمس في جنيف أعمال مؤتمر مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار أتباع الديانات والثقافات وأثرها في إشاعة قيم الإنسانية الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي على مدى يومين. وثمّن المشاركون في المؤتمر في بيانهم الختامي جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في الحوار والانتقال به إلى العالمية لخير الإنسانية، مؤكدين دعمهم لإنشاء مركز عالمي للحوار، يُعنى بمبادرة خادم الحرمين الشريفين التاريخية، وينفذ مزيداً من البرامج، سعياً للوصول إلى مجتمع إنساني يسوده التفاهم والاحترام المتبادل. كما أكدوا رغبة المشاركين في إشراك عدد أكثر من النساء والشباب في برامج الحوار في المستقبل، وأهمية تنفيذ ما جاء في «نداء مكةالمكرمة» من تكوين هيئة إسلامية عالمية للحوار، تضم الجهات الرئيسية المعنية به. ودعا المؤتمر الوسائل الإعلامية إلى أداء دورها في نشر ثقافة الحوار وتعزيز أهدافه ومؤسساته، كما دعا المؤتمر رابطة العالم الإسلامي إلى عقد مؤتمر عالمي حول «مهمة الإعلام العالمي في الحوار بين أتباع الأديان والحضارات». واستعرض المؤتمر في بيانه الختامي أمس أصداء مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار، وسُرَّ المشاركون بما لقيته من ترحيب القادة الدينيين والسياسيين والإعلاميين حول العالم الذين أشادوا بالمبادرة وما تحمله من رؤى واعية ومهمة لتحقيق السلم العالمي. وأكد المشاركون في المؤتمر على أن الرسالات الإلهية كلها جاءت لتحقيق عبادة الإنسان الخالصة لخالقه وفق ما شرعه، وتخليص البشرية من آفات الظلم والتمييز العنصري والاستعلاء العرقي، وأنها دعت إلى إرساء القيم الإنسانية التي ترسخ السلم الاجتماعي، وأن التأثير الكبير للأديان في الثقافات والحضارات يوجب على القادة الدينيين التعاون في تعزيز الالتزام بالقيم الإنسانية التي تشكل إرثاً إنسانياً مشتركاً، يتفق مع الفطرة السوية. ودعا المؤتمر القيادات الدينية والحضارية في العالم إلى مزيد من التأمل والتفاعل مع مبادرة الملك عبدالله للحوار، لما تتضمنه من منطلقات تدعو إلى التفاهم الإيجابي بين شعوب العالم وتسعى إلى مستقبل عالمي أفضل، ومن أهمها: رفض التمييز العنصري والاستعلاء العرقي، فالناس متساوون في الكرامة الإنسانية، لا يتفاضلون بأعراقهم وألوانهم وأجناسهم، التنوع بين البشر يجب أن يكون مدعاة إلى التفاهم والتعاون، واختلاف البشر وتنوع أعراقهم وأجناسهم وأديانهم حاصل بمشيئة الله سبحانه، والواجب على العقلاء من البشر - على ما بينهم من الاختلافات - تلمس المشتركات الإنسانية والتعاون الذي يحقّق التفاهم والاحترام المتبادل لإسعاد البشرية، ومواجهة التحديات الاجتماعية المشتركة من طغيان الحياة المادية وتفكك الأسرة وانحلال القيم الأخلاقية، مما يستوجب التعاون الوثيق للتخفيف من هذه المشكلات، وتبادل التجارب والخبرات التي تسهم في الحلول الناجعة لها. واستعرض المؤتمر العلاقات السائدة بين الحضارات الإنسانية المختلفة، وأكد على أهمية تصحيح سوء الفهم الذي يكدر صفوها، موضحاً أن الأديان ليست مصدراً للأزمات التي تعكِّر العلاقات بين المجتمعات، وإن لبسها البعض بلبوسها، بل تندرج الأزمات في حقيقتها ضمن صراع المصالح التي تولدها الأثرة وغلبة المصالح الأنانية. وأكد المؤتمر دعمه إنشاء مركز عالمي للحوار، يُعنى بمبادرة خادم الحرمين الشريفين التاريخية، وينفذ مزيداً من البرامج، سعياً للوصول إلى مجتمع إنساني يسوده التفاهم والاحترام المتبادل. كما أكد على أهمية تنفيذ ما جاء في «نداء مكةالمكرمة» من تكوين هيئة إسلامية عالمية للحوار، تضم الجهات الرئيسية المعنية به، وذلك للسير وفق استراتيجية موحدة للحوار مع مختلف أتباع الأديان والثقافات، والتنسيق والتعاون في ذلك مع الجهات المعنية. وأوصى المؤتمر بضرورة تحلي الوسائل الإعلامية بالموضوعية والصدقية والتوثيق في التعامل مع المواضيع ذات الأثر الكبير في المجتمعات البشرية، والبعد عن الإثارة والإسفاف المؤثرين سلباً في العلاقات الإنسانية، والابتعاد عن الترويج لثقافة العنف وعرض الأعمال الفنية العنيفة، والعمل على إيجاد بدائل تعزّز القيم الدينية التي تحقق التعايش السلمي، وترسّخ ثقافة الحوار، والامتناع عن حملات التهجم على الأديان ورموزها، لما لذلك من أثر سلبي في السلم الاجتماعي بما تسببه من تصاعد موجات العداء والعنف، وتقديم رابطة العالم الإسلامي أسماء المتحدثين الذين شاركوا في الحوارات الدينية إلى وسائل الإعلام العالمية. ودعا المؤتمر رابطة العالم الإسلامي إلى عقد مؤتمر عالمي حول «مهمة الإعلام العالمي في الحوار بين أتباع الأديان والحضارات».