تعهد الرئيس السوداني عمر البشير إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نيسان (أبريل) المقبل وأكد التزامه بنزاهتها وشفافيتها، كما أكد أن السلام في دارفور بات وشيكاً.وعقد حزب المؤتمر الوطني الحاكم أمس مؤتمره العام الذي يستمر ثلاثة أيام بمشاركة نحو ستة آلاف عضو وحضور وفود من 30 بلداً من بينها وفد يمني ضم نائب الرئيس عبد ربه منصور ووفد جزائري برئاسة رئيس الوزراء السابق عبدالعزيز بلخادم. كما حضر الجلسة زعيم حزب الأمة الصادق المهدي وممثل عن الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني. وأكد البشير في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر أن الاستفتاء على حق تقرير المصير لأبناء الجنوب السوداني سيجرى في موعده المحدد وفق «اتفاق السلام» بين الشمال والجنوب في كانون الثاني (يناير) 2011. وقال إن تحقيق السلام الشامل في دارفور «بات وشيكاً بعد أن وضعت الحرب أوزارها» بشهادة مسؤولي بعثة حفظ السلام في الإقليم، داعياً كافة أبناء دارفور داخل السودان وخارجه إلى المساهمة في إعادة الاستقرار والأمن والتنمية إلى ربوع الإقليم. وشدد على التزامه كافة المواثيق والاتفاقات التي أبرمتها حكومته مع كافة الحركات المسلحة والمعارضة، كما أكد عزمه وتصميمه على إكمال التبادل السلمي للسلطة وإنجاز ما تبقى من قوانين متعلقة بالحريات وفق اتفاق السلام. ومن المنتظر أن يعتمد المؤتمر اليوم اختيار البشير الذي يحكم السودان منذ 20 عاماً، مرشحاً أوحد للحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي خطوة لافتة، قدّم البشير غريمه الصادق المهدي الذي بادر إلى توجيه انتقادات إلى أداء الحكومة والحزب الحاكم، وقال إن السودان يواجه مشاكل مصيرية مستعصية في ما يتعلق ب «عثرات اتفاق السلام، وتأزم حالة دارفور، والخلافات السياسية، والحالة الاقتصادية، والمواجهات الإقليمية والدولية». وأضاف المهدي أن الوحدة الوطنية والإجماع الوطني هما «بلسم شاف لجراحات الوطن، وعصا موسى التي تلقف ما يأفكون»، ودعا البشير إلى سلوك نهج قومي بعدما جرّب النهج الآحادي ثم الثنائي، موضحاً أن ما فعلته القوى السياسية في جوبا عاصمة إقليمالجنوب قبل أيام ليس إلا نسخة أخرى من التراضي الوطني بعدما فشل اتفاق «التراضي الوطني» الذي وقّعه مع الحزب الحاكم العام الماضي. وتابع: «تعثر التراضي من البوابة الشمالية فطرقناه من البوابة الجنوبية». واضاف: «أقول للمؤتمر الوطني إن مصالحكم ومصالح الوطن تمر بالوفاق الوطني الذي بغيره لا يمكن حل المشكلات الوطنية ... ونقول للحركة الشعبية إن مصالحكم في الوحدة الجاذبة أو الجوار الأخوي تمر بالخرطوم. ونقول للحركات المسلحة لا سيما في دارفور: لم تعد لحركات العنف أي جدوى سوى ضياع الأرواح والأموال ومطالب دارفور المشروعة صارت جزءاً من الأجندة الوطنية والدولية وتحقيقها بالوسائل المدنية ممكن بل حتمي». وطرح المهدي «اتفاق جنتلمان» خلاصته «الاعتراف المتبادل بوزن البعض كما يقرره الناخبون، والالتزام بالسلام العادل الشامل والحريات»، لافتاً إلى أن «النخبة السياسية إذا أخفقت في صد التمزق والتدويل عن الوطن تكون بذلك أعلنت إفلاساً سياسياً شاملاً». الى ذلك، انتقدت الحكومة توصيات ملتقى القوى السياسية الذي انهى أعماله في جوبا عاصمة الجنوب، وقال وزير الدولة للإعلام كمال عبيد إن توصيات الملتقى لا جديد فيها وغير ملزمة «ولا تعنينا في حزب المؤتمر الوطني أو الحكومة في شيء». وقال عبيد إن التهديد بمقاطعة الانتخابات «ليس موقفاً وطنياً» ومخالف لاتفاق السلام الشامل. وزاد «هذا الموقف يؤكد بجلاء وجود أياد أجنبية وإملاءات من الخارج». وكان 19 حزباً معظمها معارضة فضلاً عن «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم اقليمجنوب البلاد دعت إلى تنفيذ إصلاحات موعودة، وإلا قاطعت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل. وطالبت في بيان، بعد لقاء استمر خمسة أيام في جوبا، ب «تعديل كل القوانين المتعلقة بالحريات والتحول الديموقراطي» لتتماشى مع الدستور الانتقالي الذي يحكم البلاد. ومنحت الأحزاب المؤتمر الوطني الحاكم حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لتعديل هذه القوانين، وإلا قاطعت الانتخابات. وأقر ملتقى جوبا بوجود مظالم تاريخية لحقت بالجماعات والافراد بمناطق كثيرة في السودان، خاصة الجنوب ودارفور منذ الاستقلال، ودعا الى الإعتراف بها والاعتذار عنها كمدخل للمصالحة الوطنية الصادقة. ودعا البيان الى حل مشكلة دارفور قبل الانتخابات حتى يتمكن مواطنو الإقليم من الاشتراك فيها. وشدد على تطبيق اتفاق السلام الشامل، وطالب بوضع قانون الاستفتاء على تقرير المصير خلال الدورة البرلمانية المقبلة واعتماد نسبة الغالبية البسيطة للحسم بين خياري الوحدة أو الانفصال. وقال زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي عقب الملتقى إن الارادة الغالبة لأهل الجنوب تؤيد انفصال الاقليم، و «البلاد لا بد أن تهيئ نفسها لذلك، لأنه ليس هناك أمل في الوحدة»، لافتاً إلى أن أي محاولة لصد الانفصال بحيل قانونية تعد «محاولة سخيفة».