وصف قانونيون اتجاه وزارة العدل إلى إطلاق مكاتب للصلح داخل المحاكم ب «الخطوة الإيجابية»، متوقعين أن تسهم تلك المكاتب في حل كثير من القضايا من طريق التحاور بين المتخاصمين، وهو ما يخفف الأعباء على القضاة. وشددوا في حديثهم إلى «الحياة» على أهمية الدقة في اختيار الأشخاص الذين يعملون في تلك المكاتب، مطالبين أن يتمتعوا بقبول من الآخرين، ويتحلوا بمهارات فن الإقناع وتقريب وجهات النظر بين المختلفين. ودعوا إلى إخضاعهم لدورات تدريبية تطور من تلك القدرات، إضافة إلى إشاعة ثقافة الصلح في المجتمع، ومنح المرأة فرصة للعمل في تلك المكاتب. واعتبر أستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر الخولي إنشاء مكاتب للصلح داخل المحاكم العامة والجزائية خطوة إيجابية للتخفيف من عدد القضايا المطروحة للمحكمة، مشيراً إلى أن هناك الكثير منها جرى حلها من قبل القاضي بطريقة ودية بين الطرفين من دون الخضوع لأمر المحكمة. وأوضح أن مكاتب الصلح تعمل على فتح التحاور والتفاهم بين الطرفين والتوصل إلى حل يرضيهما ويخفف عن القضاة الأعباء ويتيح لهم التفرغ لقضايا أهم. لافتاً إلى أن القضاة لديهم أدوات الحكم، أما المصلحون فلديهم كثير من المهارات للتعامل بين الطرفين بطريقة تقرب بينهما أكثر من القاضي. وأكد أن الأنشطة التي يضطلع بها المصلحون وسعيهم لتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، أسهمت في حل كثير من القضايا وخفضها بنسبة 40 في المئة، مقارنة بعددها قبل تدخلهم بين المختلفين، مشدداً على أهمية اختيار الأشخاص الذين يضطلعون بهذه المهمة بدقة. وطالب أن يكون الأفراد الذين يتولون مهمة الإصلاح بين المتنازعين في المحاكم على دراية وعلم بالجوانب النفسية والإجرائية وأسلوب التعامل مع الآخرين، ومعرفة مفاتيح الدخول إليهم والتفاهم معهم ليتسنى له إقناعهم بقبول الصلح، موضحاً أن كثيراً من الناس يفضلون القضاء فيحاولوا فض النزاع من طريقه «وتعود مدة بقاء القضية في المحاكم لتقدير القضاة». ويرى الخولي أن المرأة تستطيع أن تمارس هذا الدور إذا توافرت فيها تلك المهارات، كالقدرة على التواصل والحصول على المعلومات المطلوبة وإقناع القضاة. فيما أكد المحامي أحمد المالكي أن مكاتب الصلح ستسهم في حل العديد من القضايا، مشيراً إلى أنهم ناقشوا ذلك على أرض الواقع واتضح أن نسبة القضايا التي تحل من طريق تلك المكاتب الموجودة سابقاً قليلة، مرجعاً ذلك إلى ضعف ثقافة الصلح بين كثير من الخصوم، وعدم إعلامهم بفوائد الصلح. وأوضح أن من أهم الآليات المناسبة لتفعيل هذه المكاتب بيان فضائل الصلح والتوفيق والحث عليه من طريق وسائل الإعلام وخطب المساجد، وتزويد هذه المكاتب بالمتخصصين بعلم الاجتماع والتربية والتعليم، لافتاً إلى أن أهم التخصصات المطلوبة في تلك المكاتب الشريعة والقانون، وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية . وحض على منح المرأة فرصة للعمل في تلك المكاتب، معتبراً أنها ستسهم في تفعيلها، مشترطاً أن تتولى الدعاوى التي أطرافها نسائية.