زار مسؤولون بارزون في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بكين الشهر الماضي، للقاء مسؤولين صينيين، حاملين طلباً من واشنطن: على الصين ممارسة دور ديبلوماسي أكبر، لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية. لكن الصين أجابت على هذا الطلب، حتى قبل وصول النواب. ففي حزيران (يونيو) الماضي، وقّعت شركة الصين الوطنية للنفط صفقة بقيمة 5 بلايين دولار لتطوير حقل بارس للغاز الطبيعي في ايران. وفي تموز (يوليو) الماضي، دعت ايران الشركات الصينية الى الانضمام لمشروع بقيمة 42.8 بلايين دولار لبناء 7 مصافٍ لتكرير النفط وخط أنابيب يعبر ايران بطول أكثر من 1600 كيلومتر. وفي آب (أغسطس) الماضي، ومع وصول الاميركيين الى الصين، وقّعت طهرانوبكين على صفقة أخرى بقيمة 3 بلايين دولار، من شأنها تمهيد الطريق أمام الصين لمساعدة ايران في توسيع مصفاتين إضافيتين للنفط. روّعت تلك الصفقات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي النائب هاورد بيرمان الذي اعتبر أنها «الرسالة الخاطئة بالضبط» التي تُبعث إلى إيران. لكن محللين يرون في ذلك رسالة أخرى: فيما تُطلق الولاياتالمتحدة دعوات جديدة الى معاقبة ايران لتوسيعها سراً برنامجها النووي، ليس من الواضح على الإطلاق أن مصالح واشنطن هي ذاتها مصالح بكين. وقال زلماي خليل زاد الذي ساعد بصفته مندوباً للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة في عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، في إقناع الصين بالموافقة على فرض عقوبات محدودة على ايران، ان «تصوّرهم للتهديد حول هذه المسألة مختلف عن تصورنا. انهم لا ينظرون الى ايران كما ننظر نحن اليها». تتشارك الصين والولاياتالمتحدة مصلحة عملية في وقف انتشار الأسلحة النووية في مناطق مضطربة مثل الشرق الأوسط، كما ان من مصلحة الصين تجنّب إغضاب الولاياتالمتحدة، وهي شريكها الاقتصادي والديبلوماسي حول مسائل تكتسي أهمية عالمية. لكن أبعد من ذلك، يقول خبراء كثر ان خلاف البلدين حول إيران ليس اقتصادياً فقط، بل أيضاً أيديولوجي واستراتيجي. ليست للولايات المتحدة تقريباً أي علاقات مالية مع ايران، كما ترى في حكومتها تهديداً للاستقرار العالمي وتخشى ان يهدد صعود طهران تحالفاتها واتفاقاتها حول الطاقة في الخليج. في المقابل، تنمو بسرعة روابط بكين الاقتصادية مع طهران، كما ان قادة الصين لا يرون في ايران تهديداً، بل حليفاً محتملاً. وقال جون غارفر وهو أستاذ في العلاقات الدولية في معهد جورجيا للتكنولوجيا ان «القادة الصينيين يرون في ايران بلداً يتمتع بإمكانات كبيرة، وقد يكون القوة الاقتصادية وربما العسكرية المهيمنة في المنطقة». وقال المحلل الصيني شي ينهونغ من جامعة الشعب في بكين، ان «الصين ستبذل قصارى جهدها لإيجاد توازن» بين ايرانوالولاياتالمتحدة، مضيفاً انه اذا انضمت روسيا الى سائر أعضاء مجلس الامن في تأييد قرار جديد لفرض عقوبات، «ستبذل الصين قصارى جهدها لمحاولة إضعافه وجعله محدوداً، بدل استخدام حق النقض ضده».