حمّل تحقيق أوروبي جورجيا مسؤولية اندلاع الحرب في القوقاز صيف العام الماضي، وأكدت نتائج التحقيق التي جاءت في تقرير صدر امس، ان تبليسي أطلقت الرصاصة الأولى وأشعلت فتيل الأزمة. وأعلنت موسكو رضاها عن «التقرير الموضوعي إجمالاً» لكنها تحفظت على فقرات تحدثت عن «رد فعل روسي مبالغ فيه». وخلص التحقيق الذي أعده عدد من الخبراء العسكريين المستقلين لدى الاتحاد الأوروبي وأشرفت عليه الديبلوماسية السويسرية هايدي تاليافني إلى أن تبليسي تسببت بإشعال الحرب بعدما أقدمت ليل 7 - 8 آب (أغسطس) من العام الماضي على قصف عاصمة أوسيتيا الجنوبية تسخينفالي بالمدفعية، ما أسفر عن تدخل الجيش الروسي واندلاع ما عرف باسم «حرب الأيام الخمسة» التي انتهت بدحر الجورجيين من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وإعلان استقلال الإقليميين عن جورجيا. وقبل صدور التقرير رسمياً مساء أمس، سربت مقتطفات منه إلى وسائل إعلام غربية، وسارعت موسكو إلى الترحيب بمضمونه، ووصفه مندوب روسيا لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف بأنه «موضوعي إجمالاً». وأفادت مصادر ديبلوماسية في الاتحاد الأوروبي انه تم اطلاع مندوب جورجيا لدى الاتحاد الأوروبي على البنود الأساسية للتقرير «لئلا تكون نتائجه مفاجأة لتبليسي». وعلى رغم رضاها عن نتائج عمل اللجنة الدولية فإن موسكو ابدت تحفظاً عن بعض البنود خصوصاً تلك التي أشارت إلى «رد فعل روسي مفرط» على التحركات العسكرية الجورجية. وأبلغ مصدر في موسكو «الحياة» بأن التقرير تجنب وصف القصف الجورجي لتسخينفالي بعبارة «عدوان» التي استخدمتها الديبلوماسية الروسية لتبرير تحرك القوات الروسية ضد جورجيا، وبدلاً منها استخدم الخبراء الأوروبيون عبارات مثل «القصف الجورجي» أو «التحرك الجورجي». أيضا اعتبر المصدر الروسي إن التقرير وجه «ضربة قوية ومباشرة للرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي» الذي «قامت روايته لتطور الأحداث على ادعاء أن قواته قصفت تسخينفالي رداً على توغل الدبابات الروسية في المنطقة». لكن التقرير أشار بوضوح إلى أن التحركات العسكرية الروسية جاءت بعد مرور أكثر من يوم كامل على بدء القصف. اللافت أن التقرير تطرق إلى دوافع العملية العسكرية الجورجية ضد أوسيتيا الجنوبية عندما أشار إلى أن «الهدف الحقيقي لتبليسي كان محاولة إخضاع الإقليم باستخدام القوة العسكرية». في غضون ذلك، انتقدت موسكو بقوة قراراً أصدرته الجمعية العامة لمجلس أوروبا مساء أول من أمس، طالب روسيا بالسماح لمراقبين أوروبيين بدخول أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ومراقبة المناطق الحدودية. وكان القرار الذي حمل عنواناً: «سنة على الحرب الجورجية - الروسية»، تجنب التطرق إلى أسباب اندلاع الحرب وركز على تحميل موسكو مسؤولية فشل التقدم لتسوية الوضع في المنطقة، ودعا موسكو أيضاً إلى التراجع عن قرارها بالاعتراف باستقلال «الجمهوريتين» عن جورجيا. وأكد بيان أصدرته الخارجية الروسية أمس، إن القرار «لا يراعي الوضع الجديد في المنطقة» في إشارة إلى عدم نية موسكو التراجع عن قرار الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. في الوقت ذاته شدد البيان على عدم اعتراض موسكو على دخول مراقبين إلى المنطقة «في حال تمت مراعاة الوضع الناشئ». ومعلوم أن روسيا استخدمت قبل شهرين حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن لمنع تمديد عمل البعثة الدولية في جورجيا والمناطق المجاورة بسبب إصرار بلدان غربية على تضمين قرار تمديد عمل البعثة فقرة تنص على ضرورة احترام وحدة وسيادة جورجيا، التي حملت إشارة مباشرة إلى عدم اعتراف المجتمع الدولي باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.