أجرت مؤسسة «كومتراكس سوليوشنز» اللبنانية المتخصصة في الرصد الاعلامي دراسة حول تعاطي «العربية» و«الجزيرة» و«بي بي سي» مع الاحداث التي شهدها آب (أغسطس) الماضي في عدد من الدول، والتي سيطرت على النشرات الاخبارية لهذه المحطات. ورصدت الدراسة التي حملت عنوان «ساحات المعارك في الشرق الأوسط خلال آب 2009 - التغطية الاعلامية في محطات «العربية» و«الجزيرة» و«بي بي سي»، نشرات السادسة مساء بتوقيت غرينتش في المحطات الثلاث. وأفادت الدراسة التي أعدها جوزف يعقوب وأشرف عليها مدير «كومتراكس» جهاد بيطار، بأن «حصة العراق من التغطية الاعلامية للدول في المحطات الثلاث، بلغت 13 في المئة، تليه فلسطين كون نزاعها مع اسرائيل مستمراً. فيما دخلت ايران بنسبة 8 في المئة على خط التغطية الاعلامية للدول، بفعل استمرار ازمتها بعد الانتخابات الرئاسية». ورأت الدراسة أن استحواذ الحدث العراقي على القسط الأوفر من التغطية الاعلامية يعود الى الاهتمام الذي اولته «بي بي سي» و«الجزيرة» بهذا الموضوع، وخصوصاً بالتفجيرات التي شهدها العراق في 19 آب، غير ان «العربية» ابدت، بحسب الدراسة، «اهتماماً اكبر بالموضوع الايراني الذي سيطر على بدايات نشراتها الاخبارية في غالبية الاحيان». وأشارت الدراسة الى أن المعارك الدائرة في اليمن بدأت بالظهور الاعلامي في آب، وتحديداً في الحادي عشر منه، فقاربت نسبة التغطية التي نالتها (5 في المئة) تلك التي حصلت عليها الحرب في افغانستان (6 في المئة). وكانت «بي بي سي» أكثر المحطات الثلاث اهتماماً بالموضوع اليمني بنسبة 6 في المئة تبعتها «الجزيرة» و «العربية» بنسب متساوية بلغت 4 في المئة». وانخفضت تغطية حرب افغانستان عند قناة «العربية»، في حين استحوذت على نسبة 8 في المئة من كامل التغطية الاعلامية لدى «بي بي سي» و «الجزيرة». ورصدت الدراسة مواقف المحطات من النزاعات والازمات التي شملتها الدراسة. ففي ما يخص الشأن الايراني، أجمعت المحطات الثلاث خلال آب على اعتبار الأزمة الايرانية غير منتهية. وفي ما يخص الوضع العام في العراق، لاحظت الدراسة أن «بي بي سي» ركزت على اهمية دور الولاياتالمتحدة وبريطانيا ومدى تأثير انسحاب قواتهما على الوضع العراقي، اما «العربية»، فكان تركيزها الاكبر «على توتر العلاقات السورية العراقية». وأبرزت «الجزيرة» الوساطات والتدخلات الخارجية في العراق، خصوصاً دول الجوار التي تكتسب «اهمية في نسج خيوط ما يجري في البلد»، لكن هذا لم يمنع ايضاً «الجزيرة» من الاشارة الى «الانتكاسة» و«الاختبار» الذي فشلت فيه القوات الامنية في العراق. وفي ما يتعلق بالحرب السادسة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، اكدت المحطات الثلاث استمرارها. أما الموضوع اليمني الآخر الذي حاز اهتمام وسائل الاعلام فهو الافراج عن الشيخ علي محمد مؤيد ورفيقه من معتقل غوانتانامو الاميركي. وبقيت التغطية الاعلامية للقضية الفلسطينية عموماً على اوجها في آب، على رغم سيطرة العراق، والسبب الابرز كان التغطية الاعلامية المستمرة لمؤتمر حركة فتح السادس الذي عقد في 4 آب. ومن خلال رصد مواقف المحطات الثلاث في ما يخص المؤتمر، تبين ان قناة «الجزيرة» كانت اكثر دعماً لحركة فتح في مؤتمرها وحاولت عدم الاضاءة على الخلافات داخل الحركة، لكن مع اعتبار ان المؤتمر هو «فرصة تاريخية» امام حركة فتح «لاصلاح ذاتها». أما «العربية» و «بي بي سي» فركزتا على ذكر الخلافات داخل حركة فتح وتأثيرها على مؤتمرها. غير ان المحطتين انقسمتا ولو قليلاً في الايام الاخيرة من اعمال المؤتمر وانتخابات مجلسه الثوري واللجنة المركزية. وسيطرت مرحلة ما قبل وما بعد الانتخابات الافغانية على الوضع الافغاني خلال آب، لذا صبّت مواقف المحطات الثلاث على هذا الاستحقاق وما رافقه من ازمات سياسية داخلية. وقد وصفت المحطات الثلاث الانتخابات التي أجريت في 20 آب ب «الهادئة»، ولكن لم يعن ذلك الهدوء الامني بل كان هذا الوصف الاعلامي للاشارة الى خوف الناخبين من الاقتراع بسبب الاحداث الامنية التي رافقت الانتخابات، وهو ما عبرت عنه قناة «بي بي سي» في يوم الانتخابات بالاشارة الى ان الاقبال هذه السنة «ضئيل» مقارنة بالانتخابات الماضية. وبحسب الدراسة، لم يكن هذا الوصف فقط ما اجمعت عليه المحطات الثلاث، انما اجمعت ايضاً على اعتبار ان مرحلة ما بعد الانتخابات ستفتح الآفاق امام ازمات اخرى.