شدّد وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني على ضرورة «استثمار» الفرصة المتوافرة نتيجة وجود «انفتاح أميركي للحوار والانخراط»، واعتبر أن ذلك يتطلب تحدث الدول الأوروبية ب «صوت واحد لدعم مرجعيات الشرعية الدولية للصراع العربي - الإسرائيلي»، معرباً عن «الارتياح» لانطلاق عملية المصالحة العربية. من جهته، جدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم تمسك بلاده ب «الأسس» الثلاثة التي يجب أن تستأنف وفقها المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل التي تشمل التزام الحكومة الإسرائيلية الانسحاب الكامل من الجولان إلى ما وراء خط 4 حزيران (يونيو) للعام 1967، وأن لا تؤثر هذه المحادثات سلباً ب «أي شكل من الأشكال» على مفاوضات المسار الفلسطيني، وأن لا تستخدم «غطاء» لشن أي عدوان إسرائيلي. وأجرى وزير الخارجية الإيطالي خلال زيارته لدمشق أمس محادثات مع الرئيس بشار الأسد بحضور المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان. وأشار ناطق رئاسي إلى أن المحادثات أظهرت وجود «تطابق في وجهات النظر في شأن ضرورة تطوير هذه العلاقات في كلا الاتجاهين، بما يساعد في تحقيق المسعى السوري - الأوروبي الى إرساء الاستقرار في المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة على ضفتي المتوسط». ولدى التطرق إلى الاوضاع في الشرق الأوسط، أعرب فراتيني عن اعتقاده ب «وجود فرصة مهمة لأن تتحدث أوروبا بصوت واحد في دعم مرجعيات الشرعية الدولية للصراع العربي - الإسرائيلي، كما أن وجود انفتاح أميركي للحوار والانخراط يشكل فرصة مهمة لأوروبا والمنطقة لا بد من استثمارها». وإذ أعرب عن «ارتياح أوروبا لمجريات قمة الدوحة وبداية تحقيق مصالحة عربية لأن تنسيق المواقف العربية مهم جداً للتحرك الأوروبي وفاعليته»، شدد فراتيني على أهمية «الإفادة من دور سورية كعامل إقليمي أساسي في استقرار المنطقة كلها». ونقل الناطق السوري عنه تأكيده أن زيارته دمشق «تأتي في إطار تفعيل هذه الديبلوماسية في الشرق الأوسط ووجود توجه مشترك ضمن الاتحاد الأوروبي لتوقيع اتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد في أسرع وقت ممكن». وقال فراتيني في مؤتمر صحافي عقده مع المعلم بعد محادثاتهما في وزارة الخارجية: «فتحنا اليوم صفحة جديدة من التعاون السياسي بين إيطاليا وسورية»، لافتاً إلى أن المحادثات تناولت «مواضيع حساسة ومهمة كعملية السلام في الشرق الأوسط... وتشاركنا الأفكار في شأن ضرورة أن يكون 2009 عاماً لسلام شامل وعادل في هذه المنطقة». وسُئل المعلم عن الاسس التي يمكن أن تستأنف وفقها المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، فأجاب: «على الأسس ذاتها التي جرى الاتفاق عليها خلال حكومة (إيهود) أولمرت عبر الوساطة التركية، وهي التزام إسرائيل الانسحاب التام من الجولان إلى خط الرابع من حزيران 1967، وألا تؤثر هذه المحادثات غير المباشرة بأي شكل على المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وألا تستخدم كغطاء لشن عدوان على لبنان وغزة»، مذكراً أن دمشق «أوقفت» المحادثات بمجرد شن إسرائيل عدوانها على غزة نهاية العام الماضي. وأعرب الوزير الايطالي عن رغبة بلاده في «ان تعاود المفاوضات في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «في ما يتعلق بصداقتنا مع إسرائيل، نحن نود أن نتطرق إلى موضوع إزالة الاحتلال، وهذه من أكبر العقبات التي يجب إزالتها في المفاوضات مع إسرائيل من أجل السلام»، ثم أضاف المعلم إلى ذلك تأكيد ضرورة «إزالة الاحتلال ووقف الاستيطان». وأوضح فراتيني أن بلاده ستعمل ضمن الاتحاد الأوروبي ومع واشنطن ل «دعم» استئناف المفاوضات بين سورية وإسرائيل، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيزور أميركا «في الأيام المقبلة» وروما مطلع الشهر المقبل. وقال: «رسالتنا إلى جميع الأطراف هي احترام مبادئ اللجنة الرباعية وشعبين ودولتين في وقت قريب من أجل إحلال السلام»، معرباً عن اعتقاده بوجود «فرصة لإحلال السلام، وهذه النافذة لن تكون مفتوحة لفترة طويلة». ولفت إلى أن بلاده «تريد وتعمل بشدة على (إنجاح) المصالحة الفلسطينية باعتبار ذلك أحد مفاتيح السلام في المنطقة»، مشيراً إلى ضرورة أن «توافق جميع الاطراف» على حل الدولتين، ومبادئ الرباعية والمبادرة العربية للسلام، و «سنطلب من جميع الأطراف أن توافق على هذه المبادئ وأي طرف يعمل لمصلحة هذه المبادئ، سنعمل معه بقوة»، في إشارة إلى الموقف من «حماس».