استأنف الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس في مقر المجلس النيابي، استشاراته مع الكتل النيابية مركزاً على رؤيتها للحكومة المقبلة وبرنامجها، على أن ينهيها رسمياً اليوم، مع متابعة الحوار مع عدد من الفعاليات النيابية والكتل خلال اليومين المقبلين. ويرجح أن يلتقي الحريري في هذا الإطار بعد غد «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون، لاستكمال الحوار الذي كان بدأه معه الخميس الماضي. وعلمت «الحياة» من أوساط سياسية متابعة لأجواء التقارب العربي، لا سيما السعودي – السوري، أن المناخات الإيجابية التي عكسها اللقاء السعودي – السوري في جدة الأسبوع الماضي يفترض أن يعكس نفسه على الفرقاء اللبنانيين، بحيث يسعون الى تذليل العقبات من أمام التفاهم في ما بينهم على تسهيل تأليف الحكومة الجديدة لأن اللبنانيين أدرى بأوضاعهم من غيرهم وأن الدول العربية المعنية ما عليها إلا تشجيعهم على تقريب وجهات النظر بينهم بحيث يتوصلون الى اتفاق على انطلاقة عمل الحكومة الجديدة. واستبعدت الأوساط السياسية نفسها زيارة وزير الإعلام والثقافة السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة بيروت، بخلاف ما أشيع في الأيام الماضية. ونفى رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة رداً على سؤال، علمه بموعد لزيارة خوجة. وتمنى سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري على القادة اللبنانيين «الانكباب على حوار جدي ومعمق للتوصل الى حلول للمشكلات المتنازع عليها»، لمناسبة زيارته السنيورة وإعلانه أن ما تبقى من الهبة السعودية للبنان لدعم المدرسة الرسمية اللبنانية سيخصص لدفع رسوم التلامذة في هذه المدارس عن العام الدراسي المبتدئ. وواصل الحريري أمس استشاراته مع الكتل النيابية حتى ساعة متقدمة ليلاً، كما استمرت أوساطه في اعتماد سياسة التكتم والصمت على ما استخرجه من أفكار لتأليف الحكومة من هذه الاستشارات. وقال النائب هاغوب بقرادونيان باسم كتلة نائبي حزب «الطاشناق»، بعد لقاء الحريري مساء، إن هذه الاستشارات «مهمة كثيراً لأنها لا تشبه الاستشارات السابقة. وكلنا أمل بأن نخرج بحكومة وحدة وطنية، وجهود الرئيس المكلف منكبة بكل جدية ومثابرة على تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن»، مؤكدا الرئيس المكلف «يتمسك بحكومة وحدة وطنية». وأشار النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت بعد اجتماعه بالحريري الى «ضرورة تغليب القرار الداخلي (في تأليف الحكومة) على أي مؤثرات خارجية إيجابية مع الإفادة من أي مؤتمر إيجابي خارجي»، لافتاً الى أن المرحلة التالية للاستشارات «ستخصص لتوزيع الحقائب وتحديد الأسماء». وتميز الاهتمام الخارجي بالوضع اللبناني الداخلي بالزيارات التي قام بها رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون الى رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والسنيورة والحريري أمس. وقال فيون في تصريحاته، ومن ثم في مؤتمر صحافي عقده في نهاية جولته، إن فرنسا تتمنى تشكيل لبنان حكومته «في أسرع وقت ممكن، تجمع كل الأحزاب اللبنانية كي تستطيع تنفيذ الإصلاحات ومواجهة التحديات». وقالت مصادر مطلعة إن بري أكد لفيون أن المعارضة تريد مساعدة الحريري على تأليف الحكومة. وذكرت مصادر فرنسية أن انطباع الوفد المرافق لفيون أن الأجواء الدولية باتت أفضل للاتصالات الجارية في شأن التأليف، «وهناك شيء من التفاؤل». وأوضح فيون في مؤتمر صحافي عقده في مقر السفير الفرنسي في بيروت أن بلاده «جددت دعمها لاستقلال لبنان وعمل المؤسسات اللبنانية وأنا أصررت على تشكيل الحكومة بعد الانتخابات النيابية التي حصلت». كما أكد دعمها للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وقوات «يونيفيل» في الجنوب. وعن حوار باريس مع سورية، شدد على أن استراتيجية فرنسا بالحوار مع سورية «أدت الى حوار صريح لا تساهل فيه ولكنه ضروري وهذا أساس السياسة الفرنسية في هذه المنطقة». وقالت مصادر فرنسية إنه «عندما تنتصر الغالبية في انتخابات تشريعية ينبغي أن يظهر هذا الانتصار في الحكومة ولو أنها حكومة وحدة وطنية».