حمل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان في شدة على القوى السياسية المشاركة في ملتقى يعقد في جوبا عاصمة إقليمجنوب البلاد الذي يتمتع بحكم ذاتي، واتهمها بالسعي إلى اطاحة نظام الحكم بالقوة وتنفيذ أجندة خفية وتلقي 18 مليون دولار من جهات أجنبية لتنظيم الملتقى.واتفق قادة الأحزاب السياسية في ملتقى جوبا على ضرورة اجراء الاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد في موعده في العام 2011 وتحقيق التحول الديموقراطي وإيجاد حل سوداني - سوداني لأزمة دارفور، وطرحوا مقترحات أمام الملتقى للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها البلاد، ومن أجل جعل الوحدة خياراً جاذباً. وأكد رئيس حكومة إقليمالجنوب زعيم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» سلفاكير ميارديت أن أزمة دارفور والتحوّل الديموقراطي والمشاكل التي تعترض تنفيذ اتفاق السلام الشامل (بين الشمال والجنوب عام 2005) تُعتبر مهدداً للانتخابات وحق تقرير المصير، وقال إن البلاد لن تنعم بالسلام إذا لم تحل قضية دارفور. ورأى أن التحديات التي تواجه البلاد لا تزال كثيرة و «لكن تجاوزها ليس بالمستحيل». وذكر أن «الحركة الشعبية» استنفدت كل الوسائل لاقناع حزب المؤتمر الوطني بتنفيذ اتفاق السلام، موضحاً أن الشريكين ليسا هما وحدهما من يحدد مستقبل البلاد، داعياً الأحزاب إلى عدم السماح للشريكين بالانفراد بتلك المهمة. ودعا زعيم المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي الأحزاب إلى مقاطعة الانتخابات في حال عدم الالتزام بضمان الحريات الأساسية وحل قضية دارفور، وطالب الرئاسة بتجميد القوانين المقيّدة للحريات والمخالفة للدستور، وقال إن الحريات في جنوب البلاد أفضل من شمالها. واقترح زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ترك الخلاف على الإحصاء السكاني إلى الحكومة المنتخبة للبت فيها، كما اقترح ادخال تعديلات على اتفاق السلام بإلحاق أربعة برتوكولات جديدة اعتبرها «لبنات مهمة لبناء السلام» وتتعلق بالتعايش والتسامح الديني والتعددية الثقافية، والمساءلة عن كافة أسباب التظلم منذ استقلال السودان، والتوازن النوعي، وطالب بمراجعة بروتوكول اقتسام الثروة، وارجاء الاستفتاء على تقرير المصير الى بعد الانتخابات، وأن يكون للجنوبيين المنتخبين الحق في تقرير المصير. أما زعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد فأكد أن المؤتمرين يسعون إلى تحقيق إجماع قومي بحيث تمثل كل الاتفاقات التي وقعت في السودان منظومة سياسية واحدة تنقل البلاد إلى وضع جديد يسود فيه الاستقرار والمساواة في الحقوق والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. لكن حزب المؤتمر الوطني حمل في شدة على ملتقى جوبا واتهمه بتنبني أجندة سرية تستهدف اطاحة نظام الحكم بالقوة، ونعته ب «حوار الطرشان»، ورأى أنه يهدف الى تعطيل التحول الديموقراطي واجراء الانتخابات، وقال إنه سيتعامل مع تهديدات شركائه في «الحركة الشعبية» بدرجة عالية من الجدية والحساسية. وقال وزير الدولة للإعلام كمال عبيد في مؤتمر صحافي أمس، إن منظمي الملتقى تلقوا 18 مليون دولار من جهات أجنبية لم يحددها. وأضاف أن المؤتمر الوطني بعدم مشاركته في لقاء جوبا «يعمل على اطفاء الحرائق التي يريد أن يشعلها» المشاركون فيه. كما اعتبر المسؤول السياسي للمؤتمر الوطني محمد مندور المهدي ملتقى جوبا «مؤامرة على اتفاق السلام»، ورأى أن المحصلة الرئيسية للملتقى ستكون إضعاف اتفاق السلام والمزيد من الخصام والشقاق بين حزبه و «الحركة الشعبية» والمزيد من صب الزيت على النار في القضايا الخلافية، مشيراً إلى أن «الحركة الشعبية» تهدف من خلال الملتقى إلى أن تستنصر بالقوى الشمالية المعارضة في القضايا العالقة المرتبطة بالاستفتاء على تقرير مصير الجنوب والانتخابات المقررة العام المقبل. وسيختتم المتقى اليوم بموقف يحدد رؤية موحدة إزاء قوانين الحريات والانتخابات والإحصاء السكاني وسبل جعل الوحدة خياراً أفضل للجنوب والتحول الديموقراطي. من جهة أخرى، أعلن حزب المؤتمر الوطني انه سيعقد مؤتمره العام بعد غد الخميس، بحضور ستة آلاف عضو، ومشاركة ضيوف من 35 دولة، وسيراجع الأداء التنفيذي والسياسي والتنظيمي والنظر في اعادة هيكلة أجهزة الحزب وتجديد القيادات على المستويات كافة. ويتجه المؤتمر إلى إعادة انتخاب الرئيس عمر البشير رئيساً للحزب وتقديمه مرشحاً للرئاسة في الانتخابات المقررة العام المقبل.