مشاعر الفرح والسرور والاحتفال باليوم الوطني أو بالعيد أو حتى بفوز المنتخب مشاعر طبيعية جداً، فالنفس البشرية السوية تنزع للفرح والسرور، وتعمل على تناسي الأحزان أو حتى إنكارها بتحفيز من ميكانيزيمات الدفاع التي توجد داخل نفوس البشر وكل ما سبق فقط، لتهنأ بلحظات فرح وسعادة وبهجة. كل ما سبق طبيعي ومقبول وجميل، ولكن أن يتحوّل احتفالنا بيومنا الوطني إلى عمليات تخريب واعتداءات وفوضى، فهذا يعني أن هناك نقصاً في الوعي أو عدم وجوده أصلاً، ليس معنى الفرح أن أخرّب محال تجارية يملكها أناس آخرون، وهي ممتلكاتهم الخاصة ومصادر رزقهم أيضاً، ليس من حق أي شخص مسرور فعل ذلك، ولا شيء يعطيهم الحق في الاعتداء على أشخاص آمنين في بلاد آمنة، ولا يعطيهم الحق في الاعتداء على ضيوفنا من العمالة الوافدة، ولا يعطيهم الحق في تكسير السيارات والعبث بها في لحظات فرح هستيرية تحتاج للتقويم والتصحيح والتوجيه والعقوبات الصارمة حتى لا تتكرر، وقبلها تعويض أصحاب المحال التجارية عما فقدوه في لحظات الفرح المزعومة غير المرشدة. ليس هذا فحسب بل تحتاج لإعادة ترسيخ معنى المواطنة الحقيقية، ومنها تمثيل الشعب والشباب بالذات لبلادهم والحرص على صورتهم أمام الآخرين أيضاً هذه الصورة التي شوهت من هذه الأفعال اللامسؤولة ستظل في الذاكرة وستنتشر على المنتديات العالمية والعربية والسعودية أيضاً، فهل هذه الصورة التي نريدها عن شبابنا؟ وهل هذا الفرح الذي يعرفونه ويريدونه؟ جميل أن نرتدي الأخضر، وأن نسير في يومنا الوطني، وأعلام بلادنا خارج السيارات التي نركبها، فكل ما سبق يخصك ولا يضر أحداً، ولكن ليس معنى وجود رغبة لك في الرقص والتمايل على موسيقى الأغاني الوطنية الجميلة، أن تهبط من سيارتك في منتصف الشارع، لتعطل السير وتجبرنا أن نشاهدك، ونتأكد من سعادتك وفرحك، لأنه بإمكانك فعل ذلك في أقرب برحة، بعد أن توقف سيارتك على جانب الطريق من دون أن تجبر جمعاً كبيراً من الناس أن ينتظروك لمدة تزيد على أربع ساعات، ليتحول الفرح المقصود إلى فوضى ودعاء إلى الله أن تنزل في قلوب الفرحين بعض الوعي، ليتذكروا أن هناك بين المجبرين على الانتظار المريض والمسافر وصاحب الظرف القهري الذي يمنعه من الانتظار لرؤية رقصك. مخجل فعلاً ما حدث. مخجل أن نمتثل للنظام فقط عندما نرى سيارة شرطة أو جيمس هيئة، لنعود إلى سياراتنا ونتصرف بأدب وتهذيب ونعاود الصراخ والإزعاج عندما يبتعدون قليلاً. [email protected]