جدد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون من بيروت دعم بلاده للبنان واستقراره، مبدياً رغبة فرنسا في تشكيل لبنان حكومته «في اسرع وقت ممكن، تجمع جميع الاحزاب اللبنانية كي تستطيع تنفيذ الاصلاحات»، وامل «ان تبقى روح الحوار قائمة بين جميع الفرقاء لتحقيق اكبر قدر ممكن من التقدم».وكان فيون زار امس، رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وعقدا لقاء ثنائياً بحثا خلاله في العلاقات الثنائية «الممتازة بين البلدين على مختلف المستويات، وتطور الشأن الداخلي اللبناني». وذكر البيان الصادر عن المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية ان فيون «أبدى ارتياحه الى مسار الأمور على الساحة اللبنانية أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وأمل في أن يتمكن اللبنانيون من تشكيل الحكومة الجديدة في أقرب وقت». ولفت البيان الى ان اللقاء «ركز على الأوضاع الإقليمية والدولية، وكرر فيون دعم بلاده للبنان في المحافل الدولية، مؤكداً أن هذا الموقف من ثوابت السياسة الفرنسية الخارجية». ثم عُقد لقاء موسع ضم الجانب اللبناني والوفد الفرنسي المرافق للرئيس فيون تناول متابعة موضوع الاتفاقات الموقعة بين لبنان وفرنسا في مجالات عدة. وكان سليمان التقى أمير موناكو ألبير الثاني الذي شارك الى جانب فيون في حفلة افتتاح الألعاب الفرنكوفونية (مساء اول من امس)، وأشار إلى المكانة الممتازة للبنان في الإمارة والعلاقة الاقتصادية والاستثمارية التي تربط عدداً من اللبنانيين بها، كما التقى سليمان الامين العام للمنظمة العالمية للفرنكوفونية الرئيس السنغالي السابق عبدو ضيوف. وزار فيون رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، وحضر اللقاء محمود بري ومسؤول العلاقات الخارجية في حركة «امل» الوزير السابق طلال الساحلي، وجرى عرض للاوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. ولم يدل فيون بعد اللقاء في اي تصريح. واكتفى بري بالقول عن اللقاء انه «جيد». وأجرى فيون محادثات ثنائية مع رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة ركزت على القضايا الراهنة والعلاقات الثنائية. ثم عقد اجتماع موسع انضم اليه الوزراء: تمام سلام، نسيب لحود، طارق متري، محمد شطح والأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء سعيد عيد، والوفد الفرنسي والسفير الجديد المعين في لبنان دينيس بييتون. وشدد السنيورة بحسب البيان الصادر عن مكتبه الاعلامي، على «أهمية الانتخابات النيابية الأخيرة التي شهدها لبنان»، والتي اعتبر «أنها الأكثر ديموقراطية منذ 50 عاماً، ونتائجها جاءت ممثلة بالفعل لإرادة الشعب اللبناني»، شاكراً الدول الصديقة الداعمة للبنان في تلك الفترة وحتى هذه اللحظة». ولفت السنيورة إلى «أننا اليوم في صدد تشكيل حكومة جديدة، آملاً بأن تشكل هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن»، ومشدداً على «مد اليد للجميع من أجل الوصول إلى هذه الحكومة». وزار فيون الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري وأجريا محادثات «ركزت على المستجدات المحلية والاقليمة والعلاقات الثنائية بين البلدين»، واستكمل المحادثات حول مأدبة غداء اقامها الحريري على شرف فيون حضرها اعضاء الوفد الفرنسي المرافق، والوزير متري، والنواب: نبيل دو فريج، غازي يوسف، مروان حمادة وميشال فرعون، والوزير السابق جهاد ازعور. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة على اجتماع فيون مع بري أن الأخير قال للأول إن «لبنان بلد ديموقراطي مضروب بمرض كبير وهو الطائفية، والمعارضة تريد مساعدة الحريري على تأليف حكومته، وتم الاتفاق على اطار لتشكيل الحكومة ب 30 وزيراً من دون ثلث معطل، والمشكلة هي في الاصرار على توزير صهر العماد ميشال عون وعلى حقيبة الاتصالات». وطالب بري الوفد الفرنسي بإنشاء مدرسة فرنسية كبرى في الجنوب «الذي ينقصه مركز تعليم وطني كبير». وأوضحت مصادر فرنسية أن انطباعها هو أن أوساط الغالبية في لبنان تعتقد أن الأجواء الدولية أصبحت أفضل الآن بعد الاتصالات التي أجريت في الأممالمتحدة على هامش أعمال الجمعية العامة وأيضاً في السعودية بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد، وأن المعارضة تظهر أنها أكثر استعداداً للتعاون، وأن الاستشارات لتشكيل الحكومة الموسعة جارية الآن وستتبعها استشارات منفردة وأعمق يوم الأربعاء. وقالت المصادر انه «عندما يكون العمل لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على كل طرف أن يضحي بشيء وأنه عندما تنتصر أكثرية في انتخابات تشريعية ينبغي أن يظهر هذا الانتصار في الحكومة ولو أنها حكومة وحدة وطنية». واعتبرت المصادر أن الرئيس ساركوزي لعب دوراً مهماً جداً في تقاربه مع سورية من أجل تبادل السفراء بين لبنان وسورية وأنه مستمر في لعب هذا الدور. ورأت مصادر في الأكثرية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يبذل جهوداً حثيثة للسلام ولكن اسرائيل غير مستعدة للتعاون، وأنه لو كان هناك حل عادل للصراع في الشرق الأوسط لما كانت تأزمت الأمور في هذا الشكل في لبنان. وعن سبب اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة، قالت «إن ذلك حصل لأن الاستشارات وصلت الى طريق مسدود، أما الآن فالوضع أكثر ارتياحاً وهناك شيء من التفاؤل». المؤتمر الصحافي وفي الثالثة والنصف عقد فيون مؤتمراً صحافياً في قصر الصنوبر أعرب فيه «عن سعادته بالعودة الى لبنان بعد أقل من سنة على الزيارة التي قمت بها العام الماضي»، ورأى «ان الألعاب الفرنكوفونية السادسة ستسمح لبيروت بأن تجسد أكثر من أي مكان آخر القيم الفرنكوفونية وهي التضامن والرغبة في العيش المشترك واحترام التنوع حول اللغة الفرنسية التي تجمع أكثر من مئتي مليون نسمة». واوضح انه ابلغ القيادات التي التقاها «أن فرنسا ستبقى ملتزمة الى جانب لبنان لمصلحته ووحدته واستقلاله واستقراره. وعبرت عن رغبتنا في أن يتم تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن لأن الانتخابات النيابية عقدت في حزيران (يونيو) الماضي وكانت مثالية ويحق للبنانيين أن ينتظروا تشكيل حكومة تواجه تحديات البلاد ومن المهم تشكيل الحكومة من أجل تنفيذ الإصلاحات التي يحتاجها لبنان، وفرنسا قد ساهمت في ذلك. وروح الحوار يجب أن تستمر في المستقبل». دعم المحكمة الدولية وقال فيون: «فرنسا بقيت الى جانب لبنان ولا تزال لكي تضمن أمنه، وذكرت محاوري بأن فرنسا ستبقي على مشاركتها في قوات «يونيفيل» وفرنسا هي المشارك الثاني فيها لأنها عامل استقرار مهم في جنوب لبنان وكذلك كررت حرصنا على تنفيذ القرار 1701 بكل جوانبه الذي يبقى مرجعاً لا يمكن الاستغناء عنه. وكررت دعمنا للمحكمة الخاصة بلبنان التي يجب أن تستمر بالعمل بكل استقلال من أجل إحلال العدل ولضمان عدم الإفلات من العقاب. وذكرت بالدعم الكامل والشامل لفرنسا على الصعد السياسية والاقتصادية مع تنفيذ الالتزامات التي اعتمدت في مؤتمر باريس -3 وكنت أتيت في نهاية عام 2008 على رأس وفد من الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة الحجم ويسعدني أن أرى أن الاقتصاد اللبناني قاوم الأزمة بشكل جيد وأن المبادلات الاقتصادية بين بلدينا لا تزال كثيفة جداً والاتفاقات التي وقعناها بدأ تنفيذها الآن». وجدد تأكيد «الحرص على استقلال وسلامة اراضي لبنان وعلى عمل المؤسسات اللبنانية بشكل جيد، نحن ايضا بذلنا كل ما في وسعنا من اجل ايجاد حل للازمة اللبنانية ودعمنا اتفاق الدوحة. وكنا سعداء جدا لانتخاب الرئيس ميشال سليمان ولأن المؤسسات اللبنانية عادت الى العمل وتمت الانتخابات في مناخ جيد يشكل مثالاً لكل دول المنطقة وقلنا اليوم انه يجب تحويل هذه التجربة بعد الانتخابات الناجحة، فلبنان بحاجة الى حكومة لأن عمل المؤسسات يحتاج الى حكومة تأخذ في الاعتبار كل خصائص الوضع اللبناني وعلينا ان نظهر ان صوت الشعب هو الذي سيسود في نهاية المطاف، وأنا اصريت على تشكيل الحكومة بعد هذه الانتخابات لأن ذلك سيكون رمزاً لكل دول المنطقة أي برهاناً على ان الديموقراطية ناجحة وان الطوائف المختلفة يمكنها ان تعمل سوياً حتى بعد فترة صعبة مرت بها». وعن العلاقات بين فرنسا و«حزب الله»، اكتفى فيون بالقول: «العلاقات مع لبنان هي على أحسن ما يكون سياسياً لأن هناك تطابقاً في وجهات النظر خصوصاً حول مشكلات المنطقة واقتصادياً علاقاتنا ممتازة وستستمر». العلاقة مع سورية وعن انفتاح فرنسا على سورية وانعكاسه على لبنان، قال: «فرنسا تتحدث مع جميع الاطراف وانا حملت الرسالة نفسها لكل الاطراف والمجموعات والطوائف اللبنانية وبما ان فرنسا تتحدث مع الجميع فإن من الوهم ان نعتقد انه يمكننا حل مشكلات هذه المنطقة من دون ان نتحدث مع السوريين او اي اطراف اخرى لها تأثيرها ويمكنها ان تساهم في حل مشكلات لبنان والمنطقة، ومنذ ان تبنت فرنسا هذه الاستراتيجية الجديدة للحوار مع كل الاطراف حصل تحسن كبير في الوضع، ومنذ بضع سنوات لم يكن احد ليتصور ان سفارة سورية ستفتح في بيروت وسفارة لبنانية تفتح في دمشق، اذاً الحوار بدأ ومستمر، انه حوار صريح لا تساهل فيه ولكنه ضروري، هذا اساس السياسة الفرنسية في هذه المنطقة، نحن ندافع عن قيمنا، لدينا اصدقاء ولدينا حلفاء والحلول ممكنة فقط اذا تكلمنا مع الجميع». ديبلوماسية حاسمة مع ايران وسألت «الحياة» فيون عن التهديد المبطن الذي وجهه الرئيس الايرانيلفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وعن مستقبل العلاقات الفرنسية – الايرانية والشق النووي الايراني وهل من امكانية لتتعرض هذه المنشآت لهجمة، فقال: «هناك قواعد دولية واتفاقات وقعت عليها ايران وعليها ان تحترمها. اكتشفنا انه منذ بداية عام 2005 تبني ايران منشآت نووية لتخصيب اليورانيوم وهذا حدث خطير جداً لأنه يشكل خرقاً لالتزامات ايران الدولية، هناك خمسة قرارات صادرة عن مجلس الامن وتسعة قرارات صادرة عن مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية كلها تطالب ايران بتعليق نشاطاتها الحساسة بدءاً بالتخصيب، وما حصل في ايران هو اخفاء للوقائع. ايران تصرفت بهذا الشكل لكننا نأمل انها ستقبل، بعدما اعترفت بوجود هذه المنشآت، بأن ترسل الوكالة الدولية للطاقة الذرية فرقاً للتفتيش وتحترم التزاماتها الدولية. وفرنسا تريد ان تساهم في إحلال السلام في هذه المنطقة. ديبلوماسياتنا حاسمة وهي تحترم القواعد والقانون الدولي ولكننا في الوقت نفسه نمد يد الحوار وأعتقد ان اسوأ شيء هو ان تفشل الديبلوماسية التي نقودها حالياً».