لا تزال ارتدادات تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (تقرير غولدستون) الذي دان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تطغى على اهتمامات أركان الدولة العبرية، وتحديداً الأمنيين الذين يخشون تعرض ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي إلى الملاحقة القانونية سواء في المحكمة الدولية في لاهاي أو في محاكم في دول اوروبية مختلفة تتيح قوانينها التقدم بطلب اعتقال مسؤولين مشبوهين بارتكاب جرائم حرب. وانتقلت إسرائيل من مرحلة الهجوم المنفلت على مضمون التقرير ومعده القاضي اليهودي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون، إلى الإعداد لمواجهة التقرير بحجج قانونية مضادة من خلال تجنيد كبار الخبراء في القانون. في غضون ذلك، صعّدت إسرائيل مضايقاتها للسلطة الفلسطينية على خلفية تقدمها بشكوى إلى المحكمة الجنائية في لاهاي تطلب فيها التدقيق في شكاوى بارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة، وأبلغتها أنها تشترط سحب الشكوى من المحكمة من اجل منحها ترخيصاً لتشغيل شركة هواتف خليوية ثانية في الضفة. وتسعى إسرائيل في الأيام الأخيرة إلى تشكيل هيئة قضائية إسرائيلية – أميركية لمواجهة التقرير قانونياً وإعلامياً على الحلبة الدولية. ولهذا الغرض، اجتمع وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الأسبوع الماضي في نيويورك مع رجل القانون الأميركي البروفيسور ألن دارشوفتش الذي تعتبره إسرائيل من أهم الخبراء الأميركيين في القانون الدولي، وتربطه علاقات صداقة مع الرئيس السابق للمحكمة الإسرائيلية العليا القاضي المتقاعد أهارون باراك المتوقع أن يترأس الهيئة القضائية المشتركة. على صلة، كشفت صحيفة «هآرتس» أمس أن إسرائيل تشترط منح شركة هواتف خليوية فلسطينية ترخيصاً للعمل في الضفة بسحب السلطة الفلسطينية شكوى قدمتها الى محكمة لاهاي تدعوها الى فحص الشكاوى بارتكاب جيش الاحتلال جرائم حرب في غزة. وتعمل في الضفة حالياً شركة هواتف خليوية واحدة «بال تال»، فيما ترى الحكومة الفلسطينية في إدخال شركة ثانية «الوطنية موبايل»، عاملاً مهماً في تحسين البنية التحتية في الضفة، وأحد أهم مشاريعها الاقتصادية، إذ يتوقع أن تحقق الشركة أرباحاً هائلة اذا اقر منحها موجات بث، ما سيأتي بالفائدة على الاقتصاد الفلسطيني. وبحسب «هآرتس»، فإنه في حال لم يتم منح الشركة الثانية الترخيص للعمل حتى منتصف الشهر المقبل، فستضطر السلطة الفلسطينية إلى دفع تعويضات للشركة تصل إلى 300 مليون دولار، وهو المبلغ الذي استثمرته الشركة للحصول على الرخصة وإقامة البنى التحتية. وذكرت الصحيفة أن ديبلوماسيين غربيين، بينهم مبعوث اللجنة الرباعية توني بلير والسفير الأميركي في إسرائيل، يحاولون إقناع إسرائيل بمنح شركة الهواتف الجديدة التراخيص اللازمة لبدء عملها لتفادي وقوع السلطة في أزمة مالية. وأضافت أن إسرائيل منزعجة أيضاً لقرار السلطة تشكيل لجنة تحقيق لفحص التهم التي أوردتها صحيفة سويدية عن اتجار الجيش الإسرائيلي بأعضاء شهداء فلسطينيين.