الإسهام في نشر الوعي هو وعي بذاته، ومن هنا كانت وزارة العدل على الموعد حين تبرعت بالشرح والتفصيل للمرض الاجتماعي الناتج من المفهوم الوحيد وضيق الأفق لمصطلح «المعاشرة الزوجية»، حط المصطلح رحاله في منطقة الجدل الشائكة جداً، وإن كان المتجادلون منقسمين لفئتين لا نسبة ولا تناسب ببينهما، فالفئة المريضة صاحبة الرصيد الأعلى تحتفظ بمفهوم سابق متجدد لهذا المصطلح، وهو الذي يقدم المرأة بوصفها «مصنعاً معداً للتفريخ والإنتاج، وجسداً مسلوب الهوية والرأي، وبمركز أقل من الرجل على مختلف الأصعدة، حتى وإن كان الرجل لا يعرف ارتداء ملابسه»! المعاشرة الزوجية فهمت - على امتداد الشرح السري الطويل لها، وموافقة المجتمع المتلقي للآراء من دون نقاش ومماحكة باعتبارها مسلمات - على أنها السرير وما جاوره من الملذات الداعمة، في غرفة لا تزيد على 4×5 أمتار في أوسع الأحوال. وسأسرد هنا على غير العادة ما يشمله مصطلح الدعاوى الخاصة بالمعاشرة حتى نخرج بالمأزومين في تفسير هذا المصطلح إلى أفق أرحب، وأسهم في فك الجدل المرتكز على حالات مرضية يرجى برؤها، المصطلح يشمل: العضل والطلاق والمعاشرة والخلع والنفقة والولاية والفسخ وسوء العشرة بين الزوجين والحضانة والزيارة والتزويج بغير رضا والمهر والنشوز ونفقة الزوجة وتنفيذ شرط والفسخ وفوات شرط والفسخ لغيبة والفسخ لعيب والفسخ لغرر والفسخ للإعسار بالنفقة ونفقة الأقارب واللعان ونفي الولد وإثبات الجنس وغيرها. وليت أن وزارة الشؤون الإسلامية تضع هذا السؤال واحداً من الأسئلة التي من بعدها يمكن لأحد أن يتصدى للمنبر أو يتصدى له، ولدي ثقة كبرى بضبابية المصطلح والاتكاء في فهمه وشرحه على الخلفية الاجتماعية المنطلقة، التي ترسخ في ذهنية الرجل ضرورة وحتمية أن يحفظ خمسة أشياء: «الرجال قوامون على النساء»، «مثنى وثلاث ورباع»، «إن كيدهن عظيم»، «للذكر مثل حظ الأنثيين»، «النساء ناقصات عقل ودين»، ولكنه يغيِّب في الوقت ذاته ويدفع الرجل إلى تناسي خمسة أخرى: «خيركم خيركم لأهله»، «رفقاً بالقوارير»، «استوصوا بالنساء خيراً»، «ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم»، «بشروا ولا تنفروا»، «ولن تعدلوا ولو حرصتم». بقاؤنا في خانة العجز عن فك مصطلح المعاشرة الزوجية واختصاره في مشهد العلاقة الجنسية، واختيارنا النصوص الدينية بالمزاج وتفعيل ما نراه ملائماً منها لظروفنا ورغباتنا، يؤكدان أن هناك خللاً في التربة الأساسية للوعي، ورغبة مستترة في أن نظل متلقين لا متسائلين، وهذا البقاء يشرح أيضاً وبفطرية تامة كيف أن التلقين قدمنا بما يشبه الجندي في لعبة شطرنج، إذ إن هذا الجندي يرى بعين غيره، ويتحمس من دون أن يسأله أحد: على ماذا تقف هذه الحماسة؟ وماذا ستنتهي به؟ [email protected]