وعد المدرب الجديد لفريق آ.سي.ميلان الهولندي كلارنس سيدورف «ابن النادي» بمواصلة الجهود «في شكل يومي كي نتحسن». وقال: «نحن لدينا الأساس الجيد، لذا فإنني على يقين من أننا سنتمكن من الوصول إلى غايتنا في أقرب وقت ممكن». سيدورف هو اللاعب الوحيد الفائز بلقب الأندية الأوروبية مع ثلاثة أندية مختلفة (أياكس عام 1995، وريال مدريد 1998، وميلان 2003 و2007)، والذي ألقيت على كاهله مسؤولية كبيرة في «مرحلة حرجة»، وبدوره قَبِل التصدي للمهمة وانتشال الفريق من «خطر محدق» في بطولة الدوري الإيطالي، فضلاً على أنه الممثل الوحيد لبلاده في الدور الثاني من مسابقة دوري أبطال أوروبا، إذ إنه ينتظر مواجهة أتلتيكو مدريد الإسباني بعد أيام. خلف «البروفيسور» المدرب ماسيميليانو أليغري بعد الخسارة المفاجئة أمام ساسوولو المغمور (2-4)، مع أنه لم يكن المسؤول الوحيد عما آل إليه الوضع في النادي اللومباردي الذي يعاني شحاً في الموارد إضافة إلى عدم القدرة على اجتذاب نجوم الصف الأول، فضلاً على الصراع الإداري المحموم الدائر بين نائب رئيس النادي أدريانو غالياني وباربرا ابنة مالك النادي، رئيس الحكومة السابق سيلفيو بيرلوسكوني. بالنسبة إلى البعض فإن تولي لاعب الفريق السابق سيدورف، البالغ من العمر 37 عاماً، دفة القيادة في أول مهمة تدريبية له قرار مفاجئ! ولاسيما أنه ترك بوتافوغو البرازيلي حيث كان لاعباً وتوجه إلى ميلانو مدرباً، وهو ما لم يحلُ لكثيرين، أبرزهم لاعبا النادي السابقان ومواطناه ماركو فان باستن ورود خوليت، اللذان اعتبرا ميلان قام بمخاطرة كبيرة باتخاذه هذه الخطوة الجريئة، نظراً إلى عدم خبرة «زميلهما» في مجال التدريب. وفضل فان باستن مدرب هيرينفين الهولندي حالياً، أن يستعين ميلان بشخص خبير لانتشاله من كبوته الراهنة. وفي المقابل، أوضح خوليت أنه صُدم بقرار تعيين سيدورف «لأنه لم يسبق له أن تولى مسؤولية تدريب أي فريق». طبعاً يحتاج سيدورف إلى الوقت، وهذا ما يراهن عليه. لكن أنصار النادي ينظرون بحسرة إلى موسم 1989- 1990 عندما كان الفريق زعيماً مطلقاً لأوروبا، وفرض نفسه بصفته واحداً من أفضل التشكيلات التي مرت في تاريخ كرة القدم. كان المدرب المبتكر الشاب أريغو ساكي العقل المفكر والمدبر وراء «عودة ميلان إلى الحياة» في نهاية ثمانينات القرن الماضي. إذ ترك بصمة واضحة من خلال فكره التكتيكي الذي حرر الكرة الإيطالية من «الكماشة الدفاعية» (كاتيناتشو)، فارضاً أسلوب الضغط من خلال تبنيه مدرسة (4-4-2). ربط ساكي بين اللياقة البدنية والتنظيم المثالي والمهارة الهجومية، ونجح من خلال هذه الفلسفة في قيادة الفريق إلى إحراز كأس الأندية الأوروبية أبطال الدوري (دوري أبطال أوروبا حالياً) مرتين متتاليتين عامي 1989 و1990، وهو إنجاز لم يتكرر. كان الفريق آنذاك متكاملاً، إلا أن ساكي اعتمد فيه أساساً على خمسة لاعبين هم: باولو مالديني وفرانكو باريزي والهولنديون فرانك رايكارد وخوليت وفان باستن. كان مالديني ركناً أساسياً لا غنى عنه في الخط الرباعي الخلفي لميلان، إلى جانب كل من باريزي وماورو تاسوتي وأليساندرو كوستاكورتا. كثير المجادلة سيدورف (1،77م – 81 كلغ) المولود في سورينام، انتقل صغيراً إلى أياكس الهولندي، واكتسب مع الوقت صفة المجتهد والفطن والمنفتح والمثقف المتعدد اللغات (يتكلم ست لغات بطلاقة) والمغني. وإلى جانب تميزه الميداني، انتظم سيدورف في أعمال واستثمارات، منها فريق للدراجات النارية لم يستمر طويلاً، وامتلاكه شبكة مطاعم في ميلانو وفي مدن أخرى. كما طرق باب الصحافة وعرف بمقالاته في «نيويورك تايمز». والمعروف عن سيدورف أنه قائد بالفطرة، ذو تأثير كبير في الميدان. ولقبه أنطونيو كاسانو على سبيل «السخرية» ب«البروفيسور»، وكان بيرلوسكوني يستلطفه ويستمتع بتجاذب أطراف الحديث معه. وتميز العشاء الساهر للنادي عام 2006 بإنشادهما معاً أغنية «عالم رائع». يؤخذ على سيدورف نزعة «الأنا» والكبرياء والاعتداد بالنفس، لكن لا ينكر أحد أنه «سيد وسط الملعب»، ذو رؤية تقنية ثاقبة، لا يكف عن المناقشة إلى حد المجادلة حتى في خضم سير المباراة، ما جعل علاقته متوترة مع مدربي المنتخب الهولندي غوس هيدنيك وفان باستن. ففي عام 1996 اعتبر هيدنيك عناد سيدورف «مشكلة» في بطولة أوروبا. ورد عليه «البروفيسور» بأنه ليس مثل رايكارد يذعن و«يقول نعم دائماً»! في المقابل، لم يستدعه فان باستن للمشاركة في مونديال «ألمانيا 2006». ورفض هو بعد عامين الانتظام في صفوف المنتخب «البرتقالي» لتصفيات أوروبا، معلناً اعتزاله دولياً بعدما خاض 87 مباراة وسجل 11 هدفاً. منذ أن وطئت قدما سيدورف النادي اللومباردي أكد أنه يعود إلى بيته، وأعلن فتح التدريب أمام الصحافة مرة واحدة أسبوعياً، وهي خطوة لاقت ارتياحاً واستحساناً بعد أن كانت التحضيرات تجري خلف أبواب موصدة في «ميلانيللو». وأكد سيدورف أنه يسعى إلى فرض هوية أداء هجومي ركيزته الاستئثار بالكرة، وهي أمنية يجزم المدرب فابيو كابيللو أن لاعبه السابق قادر على تحقيقها، لأنه كان دائماً «صاحب شخصية قوية ولن يفقدها، ويستطيع أن يقدم الكثير للفريق».