تفيض لا تمطر إنها روايتها الثالثة في سنة واحدة، ولا شيء جديد حين يتعلّق الأمر بجويس كارول أوتس التي لا تمطر، بل تفيض. تستكشف في «قرطاجة» الصادرة عن دار «فورث إستيت» العنف والدمار وفقدان السيطرة والأسر المفكّكة، وتترك قارئها يسأل في النهاية عمن كان ضحيّة من. تبدأ يوم أحد حار، رطب في صيف 2005 في محميّة قريبة من بلدة قرطاجة، شمال نيويورك. يبحث المحامي زينو ميفيلد عن ابنته المفقودة، ويؤمن أنها بخير، وأنه سيجدها حتماً إذا ثابر ولم ييأس. يقكّر في التباس حياة الباقين بعد زلزال الموت. كينكيد حيّ، لكنه مات على نحو ما حين انفجرت القنبلة ومزّقت رأسه. جولييت حيّة، لكنها في حداد لأن حبيبها يراها غريبة. وكريسيدا المفقودة لم تعد ابنة زينو بل هي شخص خرافي صامت وغاضب. ينهار الأب حين يرى جثة غزال التُهم بعضه لظنّه أنها كريسيدا. كذبت عليه الليلة الماضية، وقصدت حانة صاخبة قرب البحيرة حيث التقت خطيب شقيقتها السابق. كان بريت كينكيد من نجوم كرة القدم، وعاد من حرب العراق بوجه مقطّب، عدسة في عينه اليسرى المبعوجة وشبكة معدنية داخل رأسه تحفظ جمجمته المهشّمة في مكانها. تشوّشت ذاكرته وخلطت الماضي والحاضر، وبات يرى ويسمع ما ليس موجوداً. كان هاجم مع رفاقه أسرة في كركوك، وصمد منظر الفتاة القتيلة في ذهنه. أدهش ميفيلد في لقائهما الأول بحماسته لخدمة بلده. بلد من، يتساءل المحامي الذي كان محافظ البلدة. لم يدخل أبناء السياسيّين وبناتهم، أو خريجو الجامعات، القوات المسلّحة، ويبدو واضحاً أن الحرب المقبلة ضد العراق ستخوضها الطبقة السفلى مجدّداً. لا تعيد جولييت الجميلة، الورعة، النظر في علاقتهما حين تراه، وتهمّ بعناقه لكنه يتجنّبها. كانت رأت أفلاماً وثائقية عن الحرب، وآمنت بأنها تفهم ما يحدث فيها. لكن شقيقتها كريسيدا الذكيّة، الساخرة، تتّهمها بأنها أكثر سعادة وسطحيّة من أن تفهم الشاب المشوّه، زاعمة أنها الوحيدة القادرة على ذلك. ينظّم أهل البلدة حملة تفتيش، ويُعثر على بريت في سيارته الجيب وهو يعاني من آثار الشرب. بقع الدم في المقعد قربه تثير الشك، ويعترف بأنه قتلها، ضربها أو دفعها لكنه لا يتذكّر موتها. هل تشوّه صورة الفتاة العراقية القتيلة ذكرى الليلة الماضية، أو أنه ارتكب جريمة حقاً. يُسجن وتكره جولييت، الهادئة ظاهراً، شقيقتها إلى الأبد لأنها دمّرت حبها. لا يعثر على كريسيدا، ابنة التاسعة عشرة الغضوب الصعبة، حيّة أو ميتة. لكن، هل كانت ضحيّة الجندي المضطرب، أو كان هو ضحيّتها؟ وماذا عن الحروب التي تدمّر الروح ولا نراها؟ رسائل من الجحيم يهجو تشاك بولانك الحضارة المعاصرة، ويصقل عدميّته منذ باكورته «نادي العراك» في 1996. الانحراف الجنسي، التعصّب الديني، عمليات التجميل والاستهلاك، إضافة الى القتل والموت. صيغة رابحة للكاتب الأميركي الذي صدر له أخيراً «مشؤومة»، الجزء الثاني من ثلاثيّة، عن دار جوناثان كيب. في «ملعونة» تقضي ماديسن سبنسر، ابنة الثالثة عشرة البدينة القلقة، يوم عيد ميلادها وهي تقوم بفعل جنسي يربط اللذة بالخنق. تتصّل بوالديها الفاحشي الثراء من العالم السفلي لتخبرهما أنهما أخطآ في شأن الإلحاد، وتشجّعهما على الشتم والتجشؤ والتخلّص من الغازات. تصعَق حين يتبنّيان نصيحتها، ويؤسّسان ديناً جديداً يكتسح العالم يدعوانه «الفظاظة». تعمل في التسويق التلفزيوني، وتقهر الأشرار بمن فيهم هتلر، وتروي قصصاً من حياتها قبل الموت على «جنتل تويتر». تتذكّر قول جدّها: «ماذا لو أخبرتك أنك ولدت لتكوني أعظم البشر إطلاقاً؟ ماذا لو كان قدرك إصلاح الأمور بين الخالق والشيطان؟». في «مشؤومة» تتابع ماديسن طريقها إلى المطهر الذي يتّضح أنه الأرض في الواقع. تسير شبحاً بين الأحياء، وتدوّن خبراتها على موقع ما بعد الحياة. الجحيم. تسخر من زميلاتها السابقات في المدرسة السويسرية وشمال نيويورك. ويبلغ هجاء الكاتب أقصاه حين تكتشف أن والدتها استعانت بطبيب تجميل لتكبير حجم صدر جدتها بعد وفاتها بالسرطان. تفضّل العيش بين ما بعد الأحياء على الأموات مستقبلاً لأن الأوّلين أقلّ استجابة للكذب. يجمع الشيطان الأرواح الملعونة في سيارته فيما الهواء ثقيل بالملائكة والأشباح، وتنتظر ماديسن وجهتها التالية، الجنّة. ما بعد هاري بوتر تطمح أمينتا مكتبة سابقتان، أوكرانية وفرنسية، إلى وراثة ج ك رولنغ ببطلة ساحرة تفوق هاري بوتر قوة سحراً وجسداً. كتبت رولينغ آخر روايات بوتر في 2007، وليلة رأس السنة اكتشفت آن بليشوتا وساندرين وولف، الصديقتان منذ عقد ونصف العقد، أن ما يجمعهما أيضاً حب الكتابة للأطفال. استوحتا قصص قدوتهما، الكاتبة الاسكتلندية، واختارتا اسماً روسيّاً لبطلتهما أوكسا التي تبلغ الثالثة عشرة واسم عائلة إنكليزياً تودّداً للسوق البريطانية. كانت لندن أيضاً موقع مدرسة سانت بروكسيموس التي تقصدها أوكسا بولوك وسائر «الهاربين» من عالم موازٍ يقع في مركز الأرض ويدعى إيديفيا. في كتابهما الأول «الأمل الأخير» تعلم أوكسا بولوك أنها الأقوى سحراً بين «الهاربين»، لأنها ستكون ملكة إيديفيا المقبلة، وتستخدم قوتها لتهزم عدوهم الأول، معلّم الفيزياء مستر ماكغرو. عرضت وولف وبليشوتا المخطوطة على الناشرين، ولم يجدوا اهتماماً لدى أحدهم. نشرتا الكتاب على نفقتهما الخاصة، ووضعتا نسخاته في عربتي سوبر ماركت جرّتاها إلى المدارس. تمترستا ساعات على أبوابها لتبيعا الكتب للتلامذة، وكوفئتا بإعجاب الأطفال الذي دفع آخرين إلى الشراء. باعتا خمسة عشر ألف نسخة في عامين، وحكت الصحف قصتهما، وبعد ثلاثة أعوام باعتا الحقوق العالمية لدار أكس. أو إديشن. حين بيعت حقوق الطبع لسبعة وعشرين بلداً كتبت «لو فيغارو» عن «حكاية النشر الخرافية». تصوّر الرواية اليوم فيلماً، ويتجاوز المبيع في فرنسا نصف المليون، والترجمات المليون. على أن الكاتبتين تطلّعتا إلى السوق البريطانية التي نادراً ما تترجم كتباً فرنسية إلى الإنكليزية. تنحصر الترجمة في المملكة المتحدة بثلاثة في المئة من المبيع مقابل 46 في المئة في بولندا، و12 في ألمانيا و15 في فرنسا. بعد ترجمة «الأمل الأخير» أصدرت بوشكين برس في بريطانيا رواية أوكسا الثانية «غابة الأرواح الضائعة» التي تنسخ عنوان رواية «بستان الأرواح الضائعة» للكاتبة الصومالية نديفة محمد. تبدأ في اليوم الدراسي الأخير في ثانوية سانت بروكسيموس، وحين يختفي غاز، صديق أوكسا، بعد الاحتفال تسمع رنين هاتفه في المختبر لكنها تفتش عنه ولا تجده. تعود إلى أسرتها وتعلم أنه سُحِب إلى لوحة معلّقة في الصف وبات سجينها. تدخل اللوحة مع أفراد أسرتها لإنقاذه، ويحاول الجانحون الذين طردوا من إيديفيا سرقة اللوحة لاختطافهم. تُظهِر هذه غابة قاتمة تقاتل فيها أوكسا أسداً - سحليّة، وتهرب من الفراغ، وتعبر صحراء رائحتها بيض فاسد وتجد صديقها. ولكن، هل ستتمكّن من العودة معه؟ تبقي الكاتبتان الجواب معلّقاً لأنهما تخطّطان لأربعة كتب مقبلة في السلسلة. البطل والكاتب استند كريستوس تسيولكاس إلى تاريخه ليرسم داني بطل روايته الخامسة «باراكودا» الصادرة عن «أتلانتك». كلاهما مثلي، وابن عامل مهاجر عصامي وجد نفسه في عالم فوقي حين دخل الجامعة. ينتمي داني كيلي، البارع في السباحة، إلى أسرة مهاجرة من الطبقة الوسطى، ويحصل على منحة للدراسة في مدرسة خاصة. يكتشف المسافة الشاسعة هناك التي تفصله عن سائر الطلاب، ويتبنّى أساليبهم. يسخر أصدقاؤه القدامى من تغيّره ويقلّدون صوته الذي بات «مهذّباً، مثلياً». رغب ابن المهاجر اليوناني في الكتابة عن الطبقة بعد النجاح المذهل لروايته «الصفعة» في 2008. تناولت رجلاً يصفع طفلاً مدللاً في حفلة شواء ويتورّط في شجار يكشف التوتر الطبقي الذي لا يحب الأستراليون الاعتراف به. التمييز موجود، يقول تسيولكاس (48 عاماً) والقول بعكس ذلك جزء من الميثولوجيا الأسترالية. يستطيع انتقاد التاريخ الاجتماعي والثقافي والسياسي لليونان ويبقى يونانياً، لكنه يصبح «غير أسترالي» إذا انتقد أستراليا.