تشكل تجارة الأسلحة التقليدية والنووية جزءاً غير معلَن من نشاطات المصارف السويسرية، وهي لا تقتصر عليها فحسب بل تنسحب على معظم المصارف الكبيرة حول العالم. وباشرت المصارف العالمية الكبرى تكثيف عملياتها في تجارة الأسلحة منذ أشهر، تزامناً مع تراجع أسعار بعض المواد الأولية التي كانت مربحة سابقاً مثل الذهب. والجديد في هذا المجال، أن «موضة» تجارة الأسلحة بدأت تتوغل وصادم حتى في المصارف المركزية في مقدمها «السويسري» الذي يعجز مديروه عن تبرير سلوكهم التجاري المنطقي في الاستثمارات العسكرية. ولاحظ المحللون الماليون أن المركزي السويسري محرج حالياً، خصوصاً بعد تسرب معطيات رسمية من الولاياتالمتحدة عن ضخه نحو 690 مليون دولار لشراء أسهم في شركات أميركية منتجة للأسلحة، مثل «لوكهيد مارتن» و «ألينت تيكسيستمز» و «بابوك أند ويلكوكس» المتخصصة بإنتاج الأسلحة النووية، فضلاً عن شركة «تيكسترون» المصنّعة للقنابل العنقودية والألغام المضادة للأفراد. وتُعتبر منتجات شركة «تيكسترون» الأميركية الأكثر فتكاً. أما الاستثمارات المصرفية السويسرية وغيرها في الأسلحة النووية، فترمي إلى زيادة ثقل هذه المصارف في القرارات التي يتخذها حكام السياسة حول العالم. ويقدّر خبراء ثروة المصرف المركزي السويسري من الأصول بنحو 80 بليون دولار، ما يعني أن قوة استثماراته في صناعة الأسلحة الأميركية ليست ذات معنى كبير، بل تكفي لطرح أسئلة كثيرة حول سويسرا، التي طالما تميزت بحيادها وهي ترتدي اليوم لباس الدولة المتهمة بجني الأرباح، من مقتل آلاف الأبرياء في مناطق الصراعات حول العالم. بالطبع، ترفض حكومة برن تصرفات البنك المركزي، وستبدأ تلزيم القضية إلى فريق من الخبراء لتحديد معايير أخلاقية ستُفرض لاحقاً على كل المصارف السويسرية، من ضمنها «المركزي» لتحديد ما إذا كان الاستثمار في قطاع معين مقبولاً من الشعب السويسري أم لا. ويشير أساتذة اقتصاد في جامعة «سان غالن» السويسرية، إلى أن المصرف المركزي بدأ يركّز على تجارة الأسلحة، بعدما مُني بخسارة تجاوزت سبعة بلايين فرنك سويسري في تجارة الذهب، ودفع إداراتها إلى مراجعة سياسات الدعم الاجتماعي، واستبدالها بخطط تقشفية. وعلى غرار صناديق التقاعد النيوزلندية والهولندية والنروجية، يجب على المصرف المركزي السويسري رسم معايير أخلاقية لاستثماراته، لتفادي تداعيات محرجة لحكومة برن. ولفت الأساتذة إلى أن العائدات النفطية في دول مثل النروج تصل إلى نحو 150 بليون يورو سنوياً، ويديرها المصرف المركزي في أوسلو. لكن قرارات الاستثمار الدولية لا تتعلق حصراً بمصرف أوسلو المركزي بل بجهات أخرى، منها فريق من الاختصاصيين في المعايير الأخلاقية الدولية.