عندما أعلنت وزارة العمل حملتها التصحيحية التي أتت مُتأخرة لأعوام كثيرة، بعد أن عاثت العمالة المخالفة بالبلد جرماً وفساداً وسلباً ونهباً، وقفت احتراماً مع من وقف لهذه الحملة التي راهنت على نجاحها، وقلت في قرارة نفسي: أخيراً سيكون بإمكاننا الآن شكر أحد الوزراء على نجاح يحسب لمصلحة البلد، خصوصاً بعد ما رأيت جملة من أصدقائي أصحاب الأعمال الحرة، وهم يركضون ليل نهار لتعديل وضع عمالتهم ومؤسساتهم، رغبةً منهم في التصحيح، وخشية من العقوبة والغرامة. انتهت المهلة، وتم تمديدها، وقلنا: «عسى خير»، ربما أن الوزارة لمست حاجة المستفيدين إلى هذا التمديد، وأرادت أن تمنح الفرصة للبقية حتى لا تأخذها بعد ذلك في الله لومه لائم، إلى أن انتهت المهلة المحددة مع بداية العام الهجري، وشاهدنا في الواقع الحملات الأمنية المكثفة للقبض على العمالة المخالفة التي استمرت لأسبوعين، تخللها تسريح لعدد كبير من العمالة، بحجة عدم توفر سجون أو أماكن إيواء لهم، ناهيك عن من تم تسريحهم بواسطة «الواسطة»، وهذا الأمر ليس بجديد علينا هنا، واليوم نجد المحال المغلقة عادت إلى العمل بوضعها السابق، ومعظمها يقوم بالتستر على هؤلاء العمالة، وكذلك نرى عمال الشركات بعد نهاية فترة دوامهم الرسمية يفترشون الطرقات، ويوجدون بالكثافة نفسها عند الإشارات ومحال بيع الأدوات الصحية، وأيضاً نجد الباعة المتجولين من الأجانب عادوا إلى الأرصفة وأسواق الحراج، وكأن ما كان لم يكن ليكون، لأنه ليس من المعقول أن نرى ونشاهد ما لا تشاهده، وأخشى ما أخشاه أن المسؤولين في الوزارة «يقولون ما لا يفعلون». وأنا هنا، لا أؤمن كثيراً بلغة التصريحات والأرقام التي تعلنها الوزارة عبر وسائل الإعلام حول أعداد العمالة التي تم القبض عليها وترحيلهم، وأعداد السعوديين الذين حلّوا محلهم، لأن الواقع والشارع يحكي لي عكس ذلك تماماً. ختاماً أقول: ما زلنا نأمل من الوزارة الكثير، وإن لم تواصل هي مع بقية الجهات المختصة الضرب بيد من حديد وتنفيذ تنظيم تصحيح أوضاع العمالة في الشكل الصحيح والمأمول، حتماً سنجد المخالفين مستقبلاً يضربون بقرارات الدولة عرض الحائط، وحتماً سنجد الوضع أكثر سوءاً، وسنجد المخالفين أكثر جرأة على المخالفة. @fhhhhd