شارل أزنافور هو أحد آخر عمالقة الغناء في العالم بعد رحيل فرانك سيناترا الذي سجل أغنية مشتركة معه قبل 16 سنة. ويملك أزنافور جنسيتين هما الفرنسية والأرمينية، علماً أنه حاز الأخيرة فقط في نهاية العام 2008، على رغم انه أرمني الجذور، واسمه الحقيقي شهنور فاريناغ أزنافوريان. يبلغ أزنافور من العمر 85 سنة، وباع حتى الآن أكثر من مئة مليون أسطوانة على مستوى العالم، ما يعتبر طفرة بالنسبة إلى فنان يغني باللغة الفرنسية. ولا يكتفي أزنافور بالغناء، فهو متعدد المواهب يؤلف ويلحن ويمثل في السينما. كما أنه سفير أرمينيا لدى هيئة الأممالمتحدة في جنيف، وفي سويسرا. لقد كوّن أزنافور لنفسه شهرة دولية كمغني اليأس والحب الفاشل وحياة الفقر والمشاكل، إلا أنه حول كل هذه السلبيات التي يهرب منها المستمع عموماً، إلى ألحان مليئة بالأمل وبالحياة. وإلى الألحان، يتمتع أزنافور بالأسلوب الذي يعتمده منذ بدايته الفنية في سرد القصص الحزينة التي يرويها في أغنياته، فهو يردد الكلمات اليائسة بطريقة شاعرية حنونة تشد المستمع بل المتفرج إذا كان الأمر فوق المسرح، فالرجل يحول كل أغنية إلى قطعة مرئية ملفوفة في إطار حبكة يمثلها ويخرجها وكأنها مسرحية صغيرة. وهناك بين جمهور المعجبين بأزنافور كثيرين ممن لا يتكلمون الفرنسية، ولا يمنعهم عجزهم هذا من فهم المعاني التي تتضمنها الأغنيات، ذلك أن طريقة الغناء والصوت الدافئ في حد ذاته والموسيقى الجذابة كلها عناصر تبلور المضمون وتضعه في متناول الجميع. واعتاد أزنافور لف العالم وتقديم وصلاته في مختلف القارات وفي الصيف الماضي غنى في لبنان. وتزوج أزنافور ثلاث مرات وله خمسة أولاد غير ابنه باتريك الذي توفى في الخامسة والعشرين من عمره في مطلع السبعينات من القرن العشرين. أما كاتيا أزنافور فتشارك دوماً في الكورال الذي يرافق والدها على المسرح وفي تسجيل الأسطوانات. وكون أزنافور يغني أساساً بالفرنسية لا يعني أنه لا يجيد لغات أخرى، فهو يحب ترديد ولو أغنية بالأرمنية وواحدة بالإنكليزية في أثناء وصلاته، ويضيف إلى ذلك في بعض الأحيان أغنية بالإيطالية أو بالألمانية، فهو يتكلم خمس لغات يلعب بها كيفما شاء فوق المسرح واضعاً في كل الحالات الفرنسية في المرتبة الأولى. وظهر أزنافور في أكثر من ستين فيلماً سينمائياً، أدى فيها كل أنواع الأدوار من الشرير إلى رب الأسرة مروراً بالتاجر الجشع أو صديق العائلة المرح ذي الروح الفكاهية المميزة. وهو جاور في أعماله فوق الشاشة الفضية أكبر النجوم والنجمات، والشيء الذي يميزه مقارنة بغيره من المغنيين الذين يمثلون في السينما، انه لا يشارك في أفلام استعراضية ولا يغني أبداً في أفلامه، فهو إذا غنى غنى فقط وإذا مثل مثل وحسب. وقضى أزنافور عمره يدافع عن القضية الأرمنية ويساهم بسخاء في كل المناسبات الأرمنية لا سيما تلك التي تقام للدفاع عن الأطفال أو المحرومين عموماً، فلا عجب في أن يكون الرئيس الأرمني سرج سركيسيان قد عينه سفيراً. ويفترض أن يواصل أزنافور جولته العالمية التي يسميها شخصياً بالأخيرة قبل التقاعد، إلا أن محبيه يتوقعون بل يتمنون بشدة أن تكون حكاية «الأخيرة» هذه حيلة دعائية كاذبة أو على الأكثر نية سيعجز الفنان عن التمسك بها بسبب ارتباطه الجذري بالمسرح وبالجمهور.