تمثل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تحتضنها سوتشي، اعتباراً من غد (الجمعة)، حقل ألغام بالنسبة إلى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ، لأنه «يسير» في الأولمبياد الأول بقيادته بعد أن خلف البلجيكي جاك روغ، بين أحلام العظمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والجدل الكبير الذي يحيط بهذا الحدث. ويأمل باخ بأن يكون اختباره الأول على رأس اللجنة الأولمبية الدولية أفضل من سلفه روغ الذي استهل مهمته مع الألعاب الأولمبية الشتوية في سولت لايك سيتي الأميركية عام 2002، إذ كان على موعد مع فضائح الفساد والرشاوى التي عصفت باللجنة الأولمبية على خلفية منح شرف الاستضافة لعاصمة مدينة يوتا. ويمكن القول إن «القيم الأولمبية» تتعارض مع استضافة روسيا للألعاب الأولمبية الشتوية في ظل اتهامها بالتعسف وانتهاك حقوق الإنسان من خلال قمع مظاهرات مناهضة بالعنف عام 2012. كما انتقد كثيرون إقامة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي بسبب الضرر الذي لحق بالبيئة، وبسبب تهم استغلال العاملين المهاجرين الذين أوصلوا هذا المنتجع الموجود على البحر الأحمر إلى ما هو عليه الآن في غضون سبعة أعوام. وأنفق الروس مبلغاً قياسياً بلغ 50 بليون دولار لأجل الوصول إلى حال الجاهزية التامة لاستضافة هذا الحدث الكبير، لكن كثيراً من المعارضين، وعلى رأسهم أليكسي نافالني، يتحدثون عن أن ثلث هذا المبلغ ذهب إلى جيوب المقربين من النظام. ويبدو أن حسابات اللجنة الأولمبية الدولية مختلفة عن حسابات النظام الروسي ومعارضيه، إذ كرر باخ في أكثر من مناسبة أن ميزانية تشغيل الألعاب الأولمبية الشتوية تبلغ ثلاثة بلايين دولار، أي أنها قريبة من ميزانيات النسخ السابقة، معتبراً عملية بناء الطرقات وخطوط سكك الحديد أو استحداث مطار في المنطقة يجب أن تعتبر استثمارات للمدى الطويل تستفيد منها المنطقة، ولا يجب أن تحتسب على أنها إنفاقات على علاقة مباشرة بالألعاب بحد ذاتها. يعتمد باخ منهجاً مخالفاً لسلفه روغ الذي رفض مزج السياسة بالشؤون الأولمبية، فهو بصفته محامياً بارعاً يعلم تماماً كيفية الرد على الأسئلة المحرجة بمهارة من دون أن يظهر أنه يحاول تجنبها. «لا يجب أن تكون اللجنة الأولمبية الدولية منعزلة تماماً عن السياسة»، هذا ما قاله باخ بعد انتخابه في ال10 من أيلول (سبتمبر) الماضي، مضيفاً: «يجب أن نفهم تماماً أن القرارات التي نتخذها، مثل منح شرف استضافة الألعاب الأولمبية، لها عواقب سياسية، ويجب أن نأخذ في الحسبان هذه العواقب». وقال باخ في حديث خاص لوكالة فرانس برس ورداً على سؤال عن أحقية روسيا باستضافة هذه الألعاب بعد الكلام عن الاتهامات بالفساد والكارثة البيئية والتمييز في موضوع المثليين وظروف عمل الأجانب وغير ذلك: «نعم، روسيا تستحق تنظيم الألعاب لأن هذا النوع من النقاش يظهر أهمية الألعاب وإلى أية درجة يهتم العالم بها، ما يلفت عندئذ انتباه الدول». وأضاف: «إننا نقدر هذه النقاشات لأنها تعطينا الفرصة لتوضيح ما تقوم به اللجنة الأولمبية الدولية، وما هي إمكاناتنا؟ وأين هي حدودنا؟ من هذا المنظار، فإن مسؤوليتنا تكمن في أن نتأكد من أن الميثاق الأولمبي مطبق بالنسبة إلى كل المشاركين، وإزاء ذلك لدينا كل التطمينات من رئيس الاتحاد الروسي وحكومته». وتأمل الأولمبية الدولية أن يخرج «سيد» التعرج الطويل والمشاركون الآخرون بقناعات مختلفة بعد خوضهم غمار سوتشي 2014، كما كانت حال الجميع في ألعاب سولت لايك سيتي 2002 الذي حصل بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.