هذا عنوان لمقال نشر في موقع شبكة «سي أن أن» الأميركية قبل أيام، يتحدث فيه كاتبه عن حاجة القضية السورية إلى مشاهير «استثنائيين يتمتعون بالجاذبية والشجاعة على تبني قضايا معقدة لجذب اهتمام الرأي العام الأميركي». فهنا، يضع الكاتب إصبعه على إحدى أهم مشكلات القضية السورية، وهي الأداء الإعلامي للثورة السورية والمعنيين بها، والقدرة على تسويق هذه القضية وحشد التأييد لها. فإذا كان صحيحاً أن مجموعة من الدول الغربية على رأسها أميركا وفرنسا تتبنى هذه القضية، فهذا ما يبقى على مستوى السياسة وحسابات المصالح والتحالفات. لكن ما عدا ذلك، لم تتمثل القضية السورية، كما يجب لها أن تكون، على المستويات الثقافية والاجتماعية. ذاك أن معظم المعنيين بخطابها الإعلامي لم يتمكنوا من اختراق الحواجز الثقافية بين وعيهم المحلي وبين الغرب، فتعاملوا معه حسب تصورهم الخاص عنه، وتكاد رسالتهم الإعلامية الموجهة إليه تقتصر على الاستعطاف الإنساني. هكذا لم تتمكن المعارضة السورية، كونها المعني السياسي المباشر، من كسب أصدقاء غير سياسيين لها ولقضية شعبها. ولئِن ظهر بعض التعاطف من قبل مجموعات أو أفراد من المثقفين الغربيين يتعلق بقضية سورية، فهو تعاطف محدود وفي ظروف محددة، ولعله أقرب إلى رفع العتب، كتلك الرسالة المصورة التي بثها الممثل الأميركي روبرت دينيرو إثر اعتقال النظام لأحد السينمائيين السوريين، أو الزيارة الخجولة لأنجيلينا جولي لمخيمات اللاجئين السوريين. ويبدو هذا العجز في التواصل الثقافي بين الثورة والرأي العام الغربي مستحكماً، ذاك أن معظم الشباب السوري الذي أطلق الثورة وواكبها إعلامياً وإبداعياً، قد غيبهم النظام، قتلاً واعتقالاً وتهجيراً. إضافة إلى هيمنة الإسلاميين على منابر الثورة ومؤسسات المعارضة. وهذا ما جعل جهود الشباب والمثقفين مبعثرة وتقتصر على مبادراتهم الفردية الخاصة. وفي هذا الإطار يتبدى مدى انخفاض عتبة الحساسية العالمية تجاه بعض القضايا، كما تتضح محدودية الإعلام الكلاسيكي، الخبري، في جذب الانتباه والتحريض على التفاعل. والحال أن النظام السوري كان أكثر استعداداً لمثل هذا التحدي الإعلامي منذ بداية الثورة، فقد تمكن من كسب بعض المتعاطفين، معه أو مع ما يدعي تمثيله في سورية، من حماية الأقليات ومكافحة التطرف وغيرها. ولا ننسى هنا الاختراق الإعلامي الذي حققه بدعوة باربرا والترز، كبيرة مراسلي شبكة «أي بي سي» الأميركية، لزيارة سورية، وحملة البروباغاندا التي رافقت تلك الزيارة الفضيحة. هذا إلى جانب استقطابه لليمين المتطرف الأوروبي والصحافيين الأوروبيين المهجوسين بعداء أميركا كروبرت فيسك مثلاً. هذا إلى جانب أن النظام كان قد استنفرَ عملاءه في أوروبا وأميركا، من إعلاميين غربيين ومن سوريين مجنسين هناك ممن تربطهم علاقات بمؤسسات إعلامية، واستطاع عرض وجهة نظره على الرأي العام الغربي عبر هذه المؤسسات. وقد شهدنا مؤخراً الكلام العنصري والمتطرف الذي صرحت به إحدى عميلات النظام إلى «بي بي سي» البريطانية. وقصارى القول إننا إذا كنا لا نريد الاستفادة من خدمات جورج كلوني وأقرانه، وهو ليس عيباً بطبيعة الحال، فعلينا أن نمتلك العقلية والأدوات اللازمين لمخاطبة الرأي العام الغربي وكسر جليد الحساسية لديه، حتى لا يكون رد فعل المُشاهد الغربي عند تلقيه الخبر السوري: «آه، إنه يوم آخَر». * كاتب وصحافي سوري