هل يعرف المواطن اللبناني ان هناك انتخابات مقبلة في غينيا؟ هل يعرف أن هناك انتخابات أيضاً في غينيا - بيساو؟ أولاً، هذان بلدان لا بلد واحد، وفي الأول أعلنت الحكومة العسكرية ان انتخابات نيابية ستجرى في 11 تشرين الأول (أكتوبر) وان الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة ستجرى في 13 كانون الأول (ديسمبر) والثانية في 27 منه. في غينيا - بيساو ستجرى انتخابات رئاسية في 28 حزيران (يونيو)، مع أن موعدها يزيد مرتين على الفترة التي حددها الدستور بين موت رئيس وانتخاب خلف له. ويبقى انتهاك الدستور أهون من اغتيال الرئيس خواو برناردو، فهو قتل في أول الشهر الماضي بعد ساعات فقط من قتل قائد الجيش في انفجار قنبلة. يجب أن يهتم اللبنانيون بهاتين المستعمرتين البريطانية والبرتغالية السابقتين، لأن لا بد أن يوجد فيهما مغتربون لبنانيون، إلا أن اللبنانيين يعتقدون بأن أهم هموم في الدنيا، بما في ذلك قمة العشرين، لا تقاس شيئاً بالانتخابات النيابية المقبلة في بلادهم. وهكذا أتجاوز انتخابات الجمعية الوطنية في جنوب أفريقيا في 22 من هذا الشهر لأقول أن لا شيء في الميديا اللبنانية، صحفاً وتلفزيونات وراديو، سوى الانتخابات البرلمانية التي أرى أن أهميتها في كل بلد مبالغ فيها، لأنها، كما قال أحدهم، لو غيرت شيئاً، لحرمت نهائياً. أستطيع أن أنتقم من القراء الذين يعاندونني ويرون آراء غير رأيي الصائب دائماً باتحافهم بمقال، أو سلسلة مقالات، عن الانتخابات اللبنانية، إلا أنني أعرف أن القراء لا يستحقون هذه المعاملة، وان رأيي صائب حيناً ومصيبة أحياناً. كل ما أقول اليوم هو انني أضم صوتي الى الزميل والصديق عدلي الحاج الذي كتب في «النهار» في الثاني من هذا الشهر مؤيداً ترشيح أخينا جان عبيد عن المقعد الماروني في طرابلس، فهو خير من يشغل أي مقعد نيابي، وتبعه الزميل سركيس نعوم بعد يومين بموقف مماثل فلهما شكري. الانتخابات اللبنانية في السابع من حزيران، وإذا عشنا وإذا كان الدكتور بيار دكاش مرشحاً فسأنتخبه مرة أخرى لأنني لم أنتخب في السابق غيره. في غضون ذلك هناك انتخابات رئاسية في اندونيسيا والجزائر اليوم، إلا أنني أفهم فتور الاهتمام اللبناني بهما حتى من دون 14 آذار و8 آذار فالانتخابات الأندونيسية في أكبر بلد ديموقراطي مسلم والانتخابات الجزائرية سباق فيه حصان واحد هو الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي يريد ولاية ثالثة. هو حصان أصيل، وتاريخه في حرب الاستقلال وما بعدها معروف، الا ان الوضع في الجزائر محزن محبط مع استمرار الإرهاب منذ سنة 1992 عندما أُلغيت الانتخابات النيابية بعد أن كادت جبهة الإنقاذ الإسلامية ان تفوز بها. منذ ذلك التاريخ قُتل حوالى 200 ألف جزائري بأيدي جزائريين آخرين، أي أن مسلمين يقتلون مسلمين في بلد المليون شهيد. وإذا كنا نتوقع، ولا نقبل، أن يقتل المستعمر أبناء شعب يطالب بالاستقلال، فإننا نرى الإرهاب المستمر في الجزائر ادانة للإرهابيين في كل بلد، فهم أعداء الحياة. وان كانت لي من نصيحة أوجهها للرئيس بوتفليقة في ولايته الثالثة، لأنه سيفوز، فهي أن يتوقف عن اصدار عفو عن الإرهابيين، فالفكرة أن يتوبوا الا ان ما حدث حتى الآن هو أن الإرهاب استمر وربما شجع على استمراره توقع العفو، ثم ان عدم تحقيق النتيجة المتوخاة يعني أن أهالي الضحايا الأبرياء لم يحصلوا على العدالة وعلى حقهم في الاقتصاص من القتلة. أفهم أن تكون الانتخابات مهمة الى درجة الرشوة، ولكن لا أفهم الاهتمام بها الى درجة القتل. وقد رأيت في لبنان الاثنين رشوة وقتلاً، بل انني رأيت يوماً انتخابات بلدية والمتنافسان ابنا عم، ومع ذلك صاحب الحملة رشوة وضرب بالموسى، وجروح بليغة من دون قتلى. أعتقد أن المرشح لمنصب في البلدية هو انسان كان طموحه أن يصبح نائباً، إلا أنه ضبط متلبساً في فضيحة جنسية أو سرقة، فلم يستطع الارتقاء الى أكثر من منصب بلدي. شخصياً لا أرى الفضيحة سبباً يحول دون انسان والترشح لأي منصب، بل أرى أن من الأفضل أن ننتخب مرشحاً مشهوراً بالكذب، لأننا لا نحتاج بعد ذلك الى تدريبه ليمارس عملاً، الكذب حجر الزاوية فيه، وأكمل غداً.