كرّس منتجو المسلسلات الدرامية هذه السنة عُرفاً جديداً على الساحة الغنائية، تمثّل بالاستعانة بنجوم الغناء لأداء شارة الأعمال التلفزيونية، فوجد المغنون فيها ضالتهم المنشودة لتحقيق حلم الظهور بالصوت 60 مرة خلال شهر واحد. وأشعلت تلك الاستعانة غيرة بين الفنانين بعد أن التمس البعض شهرة الشارة الغنائية المرتبطة بنجاح المسلسلات، فباتت الأغنيات بحكم «الخالدة»، على غرار أغاني أفلام المغنين الراحلين أمثال عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش والشحرورة صباح... وتوقّع الملحن ياسر جلال في حديث الى «الحياة» أن تشهد الساحة الغنائية في موسم رمضان المقبل منافسة محتدمة بين الفنانين لأداء شارات المسلسلات، بعد النجاح الذي حققه الفنانون اللبنانيون والسوريون الذين أدوا هذه السنة تيترات مسلسلات حققت أعلى مستوى مشاهدة كمسلسل «رجال الحسم» و «بيت جدي» و «طريق النحل» و «ابن الأرندلي» و «صبايا». في حين كان غناء هذه الشارات يقتصر على علي الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح ومحمد ثروت، ولكن مع تغير خريطة النجوم وإنتاج المسلسلات برزت أغنيات عدة لأنغام وأصالة وحسين الجسمي وأحلام وراشد الماجد وشيرين عبدالوهاب ووائل جسار وغيرهم. و «القتال بين الفنانين» الذي تحدث عنه جلال، ارجعه الى ايمان المغني بأن شارة المسلسل «شهرة زائدة»، اذ تُسمع الأغنية خلال شهر واحد ستين مرة لدى عرضها قبل بداية حلقات المسلسل وفور نهايتها، وتصل أحياناً الى مئة وعشرين مرة اذا ما أعيد عرض المسلسل أو اذا عُرض على أكثر من محطة، اضافة الى اعادة عرض العمل في موسم آخر بعد شهر رمضان. شهرة الفنان ويولي منتجو الأعمال التلفزيونية أهمية لأغنية الشارة لكونها «تختصر قصة المسلسل وتعرّف عنه»، وقال جلال إنه سبب يُضاف الى فرصة الملحنين والشعراء في اختبار قوتهم في تجسيد القصة الاجتماعية موسيقياً. ويصحّ اعتبار العلاقة بين أغنية الشارة والعمل الدرامي تكاملية اذ يزيد نجاح العمل من شهرة الأغنية، وتخدم شهرة مؤدي الشارة العمل باستقطاب جمهور مشاهد. ويُستدل على صحة هذه العلاقة من نتائج الدويتو الذي غنّته الفنانة نانسي عجرم مع يحيى الفخراني كمقدمة لمسلسل «ابن الأرندلي»، اذ شهدت المواقع الالكترونية، منذ أول ايام عرض المسلسل، منافسة في نقل الدويتو وتحميله، ما عاد بالمنفعة على المسلسل، على رغم بساطة الأغنية التي تنتمي الى اللون الشعبي المصري، واختلاف الطبقة الغنائية وعثرات التسجيل عن بُعد. والواضح أن عجرم وافقت على أداء هذه الشارة بعد رفض عروض مشابهة لأن الأغنية تحمل الطابع الكوميديّ. ويلتقي اسم عجرم الكبير جماهيرياً مع شهرة الفنان عاصي الحلاني الذي أدّى شارة مسلسل «بيت جدّي»، وحققت نجاحاً قبل بدء عرض المسلسل اذ سُرّبت وصارت مطلب جمهوره. وما كان الحلاني ليغني شارة مسلسل، لولا توافق الأغنية مع لونه الغنائيّ أولاً، وتلبية لطلب صديقه الفنان سامر المصري، بطل العمل، حين اجتمعا في مهرجان الخالدية في السعودية ومن ثم في بيروت بعد أربعة أشهر. وتلاقت حماسة الحلاني للأغنية مع زوال المعوقات التي تمثلّت بإنتاج العمل من قبل إحدى قنوات شركة «روتانا» التي ينتمي إليها الحلاني فنيّاً. فائدة العمل على المغنين واذا كان نجوم الفئة الأولى جماهيرياً يرفعون العمل، فإن أغنية الشارة التي أداها الفنانون رضا وسارة الهاني وشهد برمدا لخّصت مضمون المسلسل وقدّمت له بالصوت، وقرّبت وجهات النظر بين العمل والجمهور. وعبّرت أغنية رضا عن مضمون مسلسل «رجال الحسم»، فكانت أغنية حماسية تحاكي المرحلة الزمنية التي تعالجها أحداث المسلسل من خلال أداء بصوت جهوري، سرعان ما يتبدل حين تحاكي الكلمات التضامن بين شخصيات العمل. ويُعتبر الكلام واللحن اللذان أنجزهما ياسر جلال متطابقين مع طبيعة العمل، وسمحا لرضا بتأديتهما بطريقة رائعة. الفنانة سارة الهاني بدورها، نجحت في تقديم مسلسل «صبايا» علماً أنها لم تغنِّ باللهجة الشامية قبل هذه التجربة، الا أن أداءها كان جيداً اذ لامست الأغنية الطبقة الماسية في صوت سارة، وظهرت كلمة «موو» أكثر من مرة بطريقة محببة، كما بدت كلمات «آه» وة«يا ليل» كأنها جزء من نسيج الأغنية علماً أنها سُجلّت مستقلة. واستُعملت تلك التلييلات والآهات بصوت سارة الهاني كموسيقى تصويرية لدعم المشاهد. وخلافاً للأداء الطربي الذي قدمت به الهاني ل «صبايا»، غنّت الفنانة شهد برمدا شارة مسلسل «طريق النحل» بعاطفة كبيرة تنسجم مع أحداث المسلسل وخطّه الدرامي الرئيسي، فكان الأداء عاطفياً لا يخرج عن اطار الدراما الموسيقية.