رسم خطاب «حال الاتحاد» ما قبل الأخير للرئيس الأميركي باراك أوباما منعطفاً لرئاسته والسكة التي سيسير عليها البيت الأبيض في العامين المقبلين. داخلياً، خفض أوباما التوقعات حول إنجازات ضخمة، وتحدى الجمهوريين بالتحرك أحادياً في ظل صعوبة إيجاد توافق حول تشريعات اقتصادية، فيما أرسى خارجياً نهج إنهاء الحروب والبقاء على مسافة من النزاعات، عبر الانسحاب من أفغانستان والابتعاد عن ضجيج «الربيع العربي». ووضع الخطاب إطاراً استراتيجياً للسياسة الداخلية لأوباما هذه السنة، والتي ستشهد انتخابات نصفية للكونغرس، ومحاولة الحزبين الديموقراطي والجمهوري كسب الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ. ويفرض هذا المناخ واقتراب الموسم الانتخابي معادلة صعبة على أوباما لتمرير تشريعات بموافقة الحزبين، ما دفعه إلى التلويح بتخطي الكونغرس وتوقيع أوامر تنفيذية تتعلق برفع الحد الأدنى للأجور وتمرير حوافز اقتصادية يرفضها الجمهوريون. وهو أفسح في المجال أمام الاتفاق على قانون لإصلاح نظام الهجرة، والذي يحظى بتأييد مجلس الشيوخ، بخلاف مجلس النواب. ورأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن النهج الجديد لأوباما يمنحه شرعية مختلفة، «إذ يحصر الإنجازات التشريعية بمبادرات رئاسية قد يجري إبطالها إذا سيطر الجمهوريون على البيت الأبيض». ويراهن أوباما عبر تشديد خطابه الداخلي، على عزل الجمهوريين في صناديق الاقتراع في انتخابات التجديد النصفي المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر)، ومساعدة حزبه من خلال أوامر تنفيذية وحوافز اقتصادية على انتزاع الغالبية في مجلس النواب والحفاظ على الأكثرية في مجلس الشيوخ. خارجياً، التزم أوباما بإنهاء الحروب، إذ نوّه بالانسحاب من العراق والاستعداد لمغادرة أفغانستان نهاية السنة مع اتفاق أمني أو من دونه. كما تمسك بعدم خوض واشنطن مغامرات عسكرية جديدة في العالم، وقال: «لن أرسل جنوداً إلى طريق الأذى إذا لم يكن ذلك ضرورياً، ولن أسمح بتورطهم في نزاعات لا زمن محدداً لها. لا بد من المشاركة في معارك ضرورية وليس تلك التي يريدها إرهابيون، والانتشار الواسع يستنفد قوتنا ويغذي التطرف». واللافت عدم غوص الرئيس الأميركي في مطبات دول «الربيع العربي»، وابتعاده عن ليبيا ومصر وتونس. وهو حصر تركيزه على أولويات إدارته الديبلوماسية والاستراتيجية في محاربة تنظيم «القاعدة»، وتجنب التهديدات الأمنية في سورية عبر تأكيد دعم إدارته «المعارضة التي ترفض الإرهاب». كما حاول أوباما تضخيم إنجازه الديبلوماسي الخاص بتوقيع اتفاق موقت لمدة ستة أشهر، معتبراً أنه «أوقف إيران من تطوير قنبلة نووية». وقال السفير السابق روبرت جوزيف المسؤول السابق عن مكافحة الانتشار النووي ل «الحياة»، إن أوباما «ضخّم الاتفاق أمام الكونغرس لحماية المسار الديبلوماسي مع إيران». وتعهد الرئيس الأميركي أيضا نقض أي قانون للعقوبات قد يمرره الكونغرس ضد ايران خلال فترة الاتفاق، وحافظ على استمرارية نهجه في 2014 بالسعي إلى إنجازات ديبلوماسية مع ايران ودعم عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.