«ماذا عملت من أجل الآخرين؟»، السؤال الأكثر حضوراً وإلحاحاً في حياة مارتن لوثر كينغ، ما جعله خالداً بعد اغتياله في نفوس الشعب الأميركي والمبتعثين أيضاً، وملهماً للجميع في الخدمة الوطنية والتطوع ومساعدة الآخرين. لم يكن سؤالاً فحسب، بل حياة ومبدأ سال دمه من أجله، ليعيش الشعب الأميركي سواسية وبلا تفرقة. الطلاب السعوديون والعرب في جامعة ومعهد أوريغون في مقاطعة يوجين، تطوعوا أول أمس مع طلاب الآخرين، لتنسيق أشجار إحدى المدارس الثانوية وطلائها من جديد، بالتزامن مع «يوم مارتن لوثر كينغ للخدمة الوطنية». اعتمد يوم لوثر كينغ عطلة فيديرالية في العام 1983 خلال فترة حكم الرئيس رونالد ريغان. وفي 1994 أصدر الكونغرس قراراً صنّف عطلة كينغ يوماً ل «الخدمة الوطنية»، في خطوة لتشجيع الأميركيين على المساهمة في خدمة المجتمع. وجرت العادة أن يحتفل الأميركيون بمنجزات مارتن لوثر كينغ وميلاده وتخصيصه للقيام بأعمال تطوعية في مختلف المجالات، مثل المشاركة في طلاء جدران مدارس أو التطوع في دور المسنين أو الجمعيات المعنية بإطعام المشردين وغيرها. لم يكن التطوع جديداً على المبتعثين السعوديين، إلا أن تشذيب الأشجار وطلاء الجدران من النشاطات الجديدة لدى بعضهم، ومع ذلك فقد تفانوا في المشاركة والبذل. حيوية أعضاء النادي السعودي من الجنسين ومشاركتهم، كانتا محل ثناء رئيسة مقاطعة يوجين كيتي برسي، التي قالت ل «الحياة»: «أنا سعيدة جداً بمشاركة النادي السعودي والطلاب السعوديين في يوم مارتن لوثر لخدمة المجتمع، وسعيدة أيضاً بوجود عدد كبير من السعوديين في يوجين. فمدينتنا تتشرف باحتضان طلاب من مختلف دول العالم». وأكدت أهمية البرامج التطوعية، مشيرة إلى «أهمية أن تكون المبادرة من الشباب والطلاب، سواء أجانب أو أميركيين، فالجميع يعملون لتوفير خدمات أفضل للمجتمع». وأشادت مسؤولة النشاطات في معهد اللغة في جامعة أوريغون، إيمي بفعالية السعوديين في التطوع وقدرتهم على الاندماج مع الثقافات الأخرى. وأوضحت ل «الحياة» أن معهد اللغة يسعى إلى جلب الطلبة السعوديين لإقامة برامج تجمع الكل وتتقبل التنوع العرقي والحضاري، وعللت اختيار المدرسة مكاناً للتطوع ببرودة الأجواء، فضلاً عن تعاون مدير المدرسة مع الجامعة. وأوضح رئيس النادي السعودي في يوجين عبدالرحمن الجعفري، أن المشاركة في النشاطات التطوعية وخدمة المجتمع «جزء لا يتجزأ من ثقافتنا». وأشار إلى أن المجتمع «ليس المكان الذي وُلدنا ونشأنا فيه، بل هو كل مكان يحتوينا». وقال ل «الحياة»: «بادرنا بالمشاركة في «يوم مارتن لوثر كينغ» ليس للمشاركة فحسب، بل لخدمة مجتمع المدينة التي ندرس فيها وشكره على ترحيبه بالطلاب السعوديين». ونوّه إلى أن «يوم الخدمة» هو «معنى جميل وتاريخ مهم للولايات المتحدة، ولمشاركتنا فيه تأثير إيجابي، كما رأينا على وجوه المسؤولين الذين قابلناهم، مثل رئيسة بلدية المدينة ومسؤولي الجامعة»، لافتاً إلى أن «تعبيرنا عن ثقافتنا لا يرتكز على الاحتفالات ولبس الزي السعودي فحسب، بل على مخالطة الناس والاحتكاك بهم في برامج من هذا القبيل أيضاً». وقال المبتعث عادل النهاري عن مشاركته في التطوع: «تشذيب الشجر وتنظيفه برفقة طلاب من بلدان مختلفة فرصة للاندماج والتعارف والتآلف وتطوير اللغة، فضلاً عن تعويد النفس على البذل من دون مقابل والمشاركة مع فريق». وأكد أن السعوديين والسعوديات «مندمجون في شكل رائع مع الآخرين، ما يعكس الجانب القيمي الجميل لديهم».