استقبل الأردنيون العام الجديد بتشاؤم على الصعيد الاقتصادي، مع بدء الحكومة تطبيق قرار رفع أسعار الكهرباء منذ اليوم الأول من السنة، بنسب تتراوح بين 5 و7.5 في المئة على المنازل، تنفيذاً للمرحلة الثانية من رفع التعرفة الكهربائية التي تنتهي عام 2017، بموجب الاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي. وكانت الحكومة باشرت منتصف آب (أغسطس) الماضي تطبيق خطة رفع أسعار الكهرباء على القطاعات، بنسب تراوحت بين صفر و15 في المئة، باستثناء القطاع المنزلي دون 600 كيلوات ساعة/شهرياً، والقطاع الصناعي الذي يستهلك ما دون 10 آلاف كيلوات ساعة/شهرياً، وستشمله الزيادة بعد عام 2017. وبموجب القرار، تتراوح نسبة الزيادة على التعرفة الكهربائية الجديدة بين 5 و7.5 في المئة على شريحة الاستهلاك بين 601 و1000 كيلووات وفي شكل تدريجي. واعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن رفع تعرفة الكهرباء «سيؤثر في شكل كبير على المواطنين الذين سيتحملون الكلفة النهائية، بالتالي سيضطرون إلى إعادة توجيه إنفاقهم وترتيب أولوياتهم، وسيؤدي أيضاً إلى الحد من قدرة المواطنين على استهلاك ما يطرح في السوق من سلع وخدمات ورفع معدلات الفقر والبطالة». وأعلن عايش في حديث إلى «الحياة»، أن الحكومة «تلجأ دائماً إلى الحلول السهلة من طريق اتخاذ قرارات إدارية كرفع الأسعار وزيادة الضرائب، من دون النظر إلى أسباب المشكلة والبحث عنها والعمل على إيجاد حلول جذرية لها». وعزا خسائر شركة الكهرباء إلى «أسباب كثيرة وتواصلت مع انقطاع الغاز إلى جانب ارتفاع نسبة الفاقد بالكهرباء البالغ 14 في المئة». ودعا الحكومة إلى «العمل جدياً على درس الأسباب الأساسية التي أدت إلى تراكم الخسائر، من خلال وضع ضوابط لكيفية استخدام الطاقة وإيجاد بدائل لها، والعمل أيضاً على إيجاد حلول لتقليص الفاقد من الطاقة، البالغة كلفته نحو 500 مليون دينار في السنوات الثلاث الأخيرة». وأكد أن رفع أسعار الكهرباء «لن يعيد التوازن إلى الاقتصاد ومالية الدولة وإيراداتها، ولن يخفّض العجز ويخفف الأعباء المالية كما تدعي الحكومة، بل سيفضي إلى تدهور إضافي في الأوضاع في ظل غياب حلول جدية وجذرية للمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الأردن». ونفى عايش ما «أعلنته الحكومة عن عدم تأثر 92 في المئة من المواطنين بهذه الزيادة»، مؤكداً «تأثّر الجميع بالنتائج التي ستنعكس على كلفة السلع خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن». ولم يغفل انعكاس رفع أسعار الكهرباء التي «تشكّل العصب الأساس للحياة الاقتصادية في أي دولة في العالم على تنافسية صادرات الدولة بالتالي تراجع إيرادات الحكومة». ورأى النائب الأردني محمد الظهراوي، أن زيادة التعرفة الكهربائية في هذا الوقت «خطأ كبير ارتكبته الحكومة في ظل صعوبة الوضع السياسي وسوء الظروف الاقتصادية، بالتالي فإن ذلك سيوثر في شكل لافت على المواطن الذي يعاني بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة». وقال: «كان على الحكومة التروي قبل إصدار القرار»، معتبراً أن «أحداً لا يستطيع إنكار مرورنا في أزمة سياسية خانقة»، مشيراً إلى «سخط الشعب على الحكومة ورئيس الوزراء والنواب والأعيان، وله الحق في ذلك». وذكر أن رئيس الوزراء «ضرب عرض الحائط مجلس النواب والأعيان وكل مَن يعلو صوته للمطالبة بخفض الأسعار». ورأى أن رفع التعرفة سيفضي إلى «خسارة سياسية حتى لو أمّن الوفر الاقتصادي». وتطرق الظهراوي إلى مستوى الجريمة في المجتمع الأردني الذي «لم يصل إليه سابقاً»، مشيراً إلى «ازديادها ونشهد جريمة يومياً، وإن دل ذلك على شيء فهو نتيجة الفقر والبطالة، وسيؤدي استمرار الحكومة في نهج رفع الأسعار والضرائب إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة والجريمة والانحراف وازدياد الوضع الاقتصادي سوءاً». وحضّت جمعية «حماية المستهلك» الحكومة مجدداً، على ضرورة رفع أسعار الكهرباء «تدريجاً على القطاعات الاقتصادية لمراعاة الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني الغالبية العظمى من المواطنين في ظل تدني القدرات الشرائية». واعتبرت أن أي زيادات على الكهرباء للقطاعات التجارية والصناعية «ستنعكس على المستهلكين وبمعدلات عالية». وتمنّت على الحكومة «الاستئناس برأيها قبل إقدامها على اتخاذ قرار تعديل التعرفة الكهربائية على هذه القطاعات، وكان يُفترض أن تعدّ هيئة تنظيم قطاع الكهرباء بالتعاون مع جهات علمية أكاديمية وأهلية، دراسة محايدة وشفافة بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية، قبل التنسيب للحكومة باتخاذ القرار للخروج بقرار توافقي ينسجم مع ظروف الأطراف ويحقق المصلحة المشتركة للجميع». يُذكر أن رفع أسعار الكهرباء سيضر بالصناعة الوطنية ويحد من قدرتها على المنافسة، ما يهدد بتوقف المصانع خصوصاً أن الكثير منها لم يتعافَ بعد من آثار الزيادات السابقة، بالتالي سيُسرّح عدد كبير من العمال وسيرفع معدلات البطالة. ويستهلك القطاع الصناعي نحو 26 في المئة من استهلاك الكهرباء، فيما تتراوح كلفة الطاقة في القطاع حالياً بين 12 و 30 في المئة من كلفة الإنتاج مع تفاوت كبير بين صناعة وأخرى. وتشغّل الصناعة الوطنية نحو 230 ألف عامل وعاملة تعطي قيمة مضافة للناتج المحلي تصل إلى 25 في المئة سنوياً، كما تساهم الصادرات الصناعية في أكثر من 90 في المئة من الإجمالي.