رسمت مياه الصرف الصحي المتدفقة بكثافة في غالبية شوارع جنوبجدة خلال أيام العيد لوحة «مقززة»، وفرضت حظر تجوال على السكان الذين باتوا يفكرون في الرحيل من المنطقة إلى أحياء تنعم بقدر أدنى من الخدمات التنموية، فيما اضطر آخرون للتعايش مع الوضع على أمل أن تأتي الحلول وتخلصهم من الأزمة «الدورية» التي يعانونها باستمرار. وأسهمت المياه الآسنة في تآكل طبقات الإسفلت، ونشوء حفريات في الطرق، تحولت بمرور الأيام إلى بؤر وكمائن تتربص بالمركبات. ويصف سكان في منطقة جدة، لا سيما في حي غليل معاناتهم مع الماء ب «المستعصية»، مشيرين إلى أنهم يعانون الجفاف لغيابها عنهم مدة تناهز الشهر، وفي حال تدفقها لمنازلهم تطفح المجاري في الشوارع بغزارة. ويرى المواطن طارق الجدعاني أن العيش في أحياء جنوبجدة الشعبية خلال السنوات الأخيرة بات لا يطاق، مشيراً إلى أن مياه الصرف الصحي انتشرت في طرقها بكثافة ويجد العابرون صعوبة أثناء السير فيها، مستغرباً تدهور الأوضاع في المنطقة سريعاً، من دون أي مقدمات أو بوادر تنبئ بحدوثها. وقال: «على سبيل المثال شوارع الغرناطي والمحجر وحسن حسنين، على رغم أنها ثلاثة خطوط رئيسة وتخترق حي غليل من كل الجهات، إلا أنها غرقت بمياه الصرف الصحي خلال أيام العيد، وهو ما أفسد على السكان الاحتفاء بالمناسبة الدينية». وأيده فيصل إبراهيم، مشيراً إلى أن المياه الراكدة أسهمت في تآكل الطبقة الإسفلتية في الطرق وأحدثت فيها حفراً وأخاديد وألحقت بالمركبات كثيراً من الأعطال. وأكد أنهم باتوا يجدون صعوبة أثناء السير في الحي الشعبي لتآكل طرقها وغرقها بمياه الصرف. وأوضح طلال سالم أن سكان الأحياء الجنوبية في جدة، لا سيما «غليل» يعيشون معادلة صعبة مع «الماء»، لافتاً إلى أنها تغيب عنهم أسابيع عدة، وفي حال تدفقها إلى منازلهم تطفح في الطرق، وطالب سالم من الجهات المختصة أن تتدارك الوضع وتسعى لإيجاد الحلول. ويعتزم سعدون خالد الرحيل من الحي إلى الأحياء الشمالية، هرباً من تدني الإصحاح البيئي الذي تعاني منه أحياء جنوبجدة. وقال: «مناطق الشمال ربما تعاني مما نعانيه، لكن أعتقد أن الوضع الذي هي فيه أخف وطأة، فأنا جاد في البحث عن منزل هناك»، وتابع في المناطق الأخرى تزينت الشوارع خلال العيد بموائد الإفطار، فيما نحن في الجنوب غرقت أغلب طرقنا بالمياه الملوثة. وأوضح أنهم اضطروا طوال شهر رمضان المبارك إلى استخدام الألواح الخشبية والصخور للتنقل عليها كجسور بدائية على مستنقعات في الطرق، لافتاً إلى أن الكثيرين سقطوا أثناء عبورهم الشوارع بتلك الطريقة. وأضاف خالد: «انتشار مياه الصرف في الطرق، حد من حركتنا، وزحفت المياه على أبواب المساجد، ما أجبر الكثير منا إلى الصلاة في منازلهم خشية النجاسة». ولدى استفسار «الحياة» من شركة المياه الوطنية في جدة حول تدفق الصرف الصحي في غالبية طرق جدة، استبعد مصدر فيها وجود مشكلة وراء غرق بعض الشوارع بمياه المجاري، واعداً بإيجاد الحلول الجذرية لها في القريب العاجل.