يُعتبر سجن الأحداث في العراق واحداً من أكثر السجون ازدحاماً بالمحكوم عليهم والمتهمين بقضايا جنائية مختلفة. «مدرسة الحياة» التقت عدداً من السجناء الأحداث في «تسفيرات» محافظة القادسية (180 كيلومتراً جنوببغداد) واستمعت منهم إلى قصصهم وحكاياتهم. كما التقت مدير سجن الأحداث في الديوانية العقيد أحمد سرحان الذي أكد أن «نسب الجريمة لدى الأحداث والشباب ترتفع في أوقات الفراغ والعطل الرسمية، بسبب غياب الأماكن التي يمكن للشباب اللجوء إليها كالنوادي الرياضية و الثقافية وغيرها، فينخرطون في الجريمة، وتعاطي الحبوب المخدرة والسرقة». وأضاف سرحان أن «عدد الأحداث في سجن التسفيرات يتراوح بين 15 و18 حدثاً، تتنوع جرائمهم بين سرقة ومتاجرة بالمخدرات ومشاجرة وغيرها»، مؤكداً أنه «يتم إيلاء الأحداث اهتماماً واسعاً من خلال عرضهم على أطباء نفسيين، وأخصائيين في علم الاجتماع، للإطلاع على الأسباب التي أجبرتهم على ممارسة الجريمة». وأشار إلى أن «الأحداث معزولون عن الكبار في السجن، في قاعة خاصة بهم، ويبدأ عمر الحدث عندنا من 9 حتى 19 عاماً». وروى السجين خالد ك. (15 عاماً) الأسباب النتي قادته إلى السجن. وقال: «كنت أرافق صديق سوء عوّدني على تعاطي الحبوب المخدرة إلى أن أدمنت عليها. ذات يوم قبضت شرطة مكافحة المخدرات على صديقي، وبعد التحقيق معه اعترف بأنني كنت أرافقه في جلسات تعاطي المخدرات، وألقي القبض عليَ بعد أيام عدة، وحكمت محكمة استئناف الديوانية عليَّ بالحبس ثلاث سنوات في سجن الاحداث». وأضاف أنه «قبل ذلك كنت عاطلاً عن العمل، وتركت الدراسة في صف الإبتدائي الخامس بسبب عدم قدرة عائلتي على تحمّل التكاليف. والدتي هي معيلة الأسرة بعد وفاة والدي». أما السجين حمد و. (13 عاماً)، فأكد أن الصدفة هي التي قادته إلى السجن. وقال: «ذهبت ذات يوم إلى المستشفى للإطمئنان على صحة أحد معارفي، وعندما أمسكت شفرة عمليات كانت مرمية على الأرض، أمسكني شرطي واتهمني بأنني أريد قتل المريض، وحضر الضابط المسؤول عن أمن المستشفى وآخرون، واحتجزوني ثم أحالوني إلى المحكمة التي أصدرت حكمها عليَّ بالسجن سنتين»، لكنه أكد أن «هذه ليست المرة الأولى التي أدخل فيها السجن، بل الثانية. المرة الأولى كانت بتهمة المشاجرة». وأوضح السجين الحدث ياسر ج. (17 عاماً)، أنه كان يعمل حداداً في أحد أقضية مدينة الديوانية، ويعيش مع والده ووالدته عندما اتهم بسرقة مجوهرات من أحد المنازل في المنطقة التي يسكن فيها، «بعدما ألقت الشرطة القبض على أحد أصدقائي بتهمة السرقة، وأثناء التحقيق معه اعترف بأنني كنت معه، ووجهت إليّ التهمة». وتابع: «انتظر الآن محاكمتي، بعدما مضى على توقيفي شهران وعشرون يوماً». وحمّل الباحث الاجتماعي باسم الجابري الأهل مسؤولية انخراط الأحداث في الجريمة. وقال: «العائلة هي التي تتحمل مسؤولية تربية أبنائها والحفاظ عليهم من الانحراف، فهي تكون مساعدة على ذلك في بعض الأحيان من خلال الانفلات وعدم المتابعة، وأيضاً البطالة وارتفاع نسب الفقر وترك الدراسة مبكراً. على الجهات المسؤولة معالجة الأمر، وإلا سنكون أمام أجيال لا تعرف إلا السرقة والمخدرات والقتل».