أعاد نبأ مقتل الفنان يوسف العسّال داخل منزله إلى أذهان عشاق الفن المصري ذكرى العديد من الفنانين كانت نهايتهم القتل. وقعت تلك الجرائم مع فنانين، كبُر أم صغُر قدرهم الفني، خلال القرنين الماضي والحالي. من أبرز تلك الجرائم، كانت حادثة مقتل المطربة أسمهان، والتي لقيت حتفها غرقاً، في الرابع عشر من تموز (يوليو) عام 1944، بعد سقوط سيارتها في ترعة الساحل، أثناء توجهها إلى رأس البر. أودى الحادث بحياة أسمهان ومرافقتها مديرة أعمالها ماري قلادة، فيما اختفى السائق لتحوم الشبهات حوله، وإن كان الجميع قد ظن، حينها، أن الحادث كان مدبراً، إما بسبب الغيرة الفنية، أو لما تردد حول علاقة أسمهان بالمخابرات البريطانية، ولم تُحسم تلك القضية حتى الآن. تكرر الأمر مع الممثل والعازف الشهير عمر خورشيد، ولكنه لم يمت غرقاً، بل لقي حتفه، في التاسع والعشرين من أيار (مايو) عام 1981، وهو ما زال في السادسة والثلاثين من عمره، إثر حادث سيارة مدبر، بعد أن طاردته سيارة أخرى قادها مجهولون، حتى وقعت الحادثة، ليصاب بنزيف في قاع الجمجمة أودى بحياته. وطاولت حوادث قتل الفنانين الممثلة ميمي شكيب التي أُلقيت من شرفة منزلها بمنطقة قصر النيل في العشرين من أيار (مايو) عام 1983. ودارت الشبهات وقتها حول بعض الساسة الذين كانوا قد تورطوا معها في قضية دعارة، أثارت ضجة واسعة النطاق، وتمت تبرأتهم منها. ولم تسفر التحقيقات الرسمية عن أي نتائج أكيدة حول حقيقة القاتل، لتظل القضية مُقيدة ضد مجهول. وبعد ثلاث سنوات من مقتل ميمي شكيب، امتدت قائمة «الفنانين المقتولين» لتشمل المخرج نيازي مصطفى، الذي قُتل في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1986، اذ عُثر عليه مقتولاً داخل شقته بالجيزة، وظل قاتله مجهولاً. إلّا أن ذلك المجهول لم يظل مسيطراً على حوادث فنانين كانت نهايتهم القتل، وإنما كُشف عنه الحجاب في جرائم عدة، كان أبرزها حادثا قتل الروائي يوسف السباعي، والممثلة وداد حمدي. وقتل السباعي الذي كان وزير الثقافة حينها، في قبرص، في الثامن عشر من شباط (فبراير) عام 1978، واسندت عملية الاغتيال لجماعة «أبو نضال» الفلسطينية، انتقاماً منه لمرافقته الرئيس المصري محمد أنور السادات، خلال رحلته لعقد اتفاقية السلام. وكان الدافع في اغتيال الممثلة وداد حمدي إجرامياً من الدرجة الأولى، اذ قتلها الريجسير متى باسليوس طعناً بالسكين، في السادس والعشرين من آذار (مارس) عام 1994، طمعاً في مالها. وبعيداً عن القتل المتعمد والظاهر، وقعت حوادث عدّة ظاهرها المصادفة، ورغم ذلك تظل عليها العديد من علامات الاستفهام، مثل حادث مقتل الفنانة كاميليا، التي توفيت في الحادي والثلاثين من آب (أغسطس) عام 1950، إثر سقوط الطائرة، التي كانت على متنها. رغم كون الحادث محض مصادفة، إلّا أن كثيرين، حتى الآن، على يقين بأن الحادث كان مدبراً من قبل المخابرات لاتهامها بالجاسوسية. وتشابهت ظروف مقتل كاميليا مع ظروف وفاة الشاعر سيد درويش، الذي توفي في العاشر من أيلول (سبتمبر) عام 1923. واكتنف الغموض وفاته وهو بعد في أوائل الثلاثينات من عمره، اذ أُرجعت حينها إلى جرعة زائدة من المخدرات، فيما أرجعها آخرون، من بينهم أحفاده، إلى التسمم المتعمد بجرعة من نبات الزرنيخ، لمعارضته النظام والاحتلال، ومكانته وشعبيته بين جموع الشعب حينها. وشهد الوسط الفني حوادث قتل أكثر إيلاماً، كحادثي قتل الفنانتين ذكرى وسوزان تميم. وعثر على المطربة ذكرى مقتولة، في السابعة من صباح الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2003، على يد زوجها أيمن السويدي، قبل انتحاره داخل منزلهما بالزمالك. أمّا الفنانة سوزان تميم، فقُتلت في الثامن والعشرين من تموز (يوليو) عام 2008، داخل شقتها بدبي، وأشارت التحقيقات إلى تورط رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى في الحادث، وظل الأمر مُعلقاً إلى أن صدر حكم قضائي بإدانته، الى جانب مُنفذ الجريمة الضابط السابق محسن السكري. وكانت آخر حلقات فنانين كانت نهايتهم القتل أمس الأربعاء، حين قُتل العسّال، داخل شقته بمصر الجديدة. وتبذل جهات التحقيق جهدها لكشف غموض الجريمة، وتدور الشبهات فيها حول ثلاثة أشخاص ربما راتكبوا فعلتهم بغرض السرقة.