أطلقت الجهود من أجل التوصل الى صيغة توافقية للحكومة اللبنانية العتيدة، بديلاً من حكومة الحياديين التي ينوي رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام إصدارها قريباً، عملية تفاوض على صيغة سياسية على قاعدة 8+8+8 أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري موافقته المبدئية عليها باسمه وباسم «حزب الله»، في انتظار موقف قوى 14 آذار منها. وهي طرحت أسئلة حول ما إذا كان فريق 8 آذار لن يطالب بوزير إضافي تتم تسميته بالاتفاق بينها وبين الرئيس سليمان، للحصول على الثلث المعطل مواربة، وهو الأمر الذي ترفضه وكان السبب في رفضها صيغة 9+9+6. وعلمت «الحياة» أن موفَدي بري والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، وزير الصحة علي حسن خليل وحسين الخليل اللذين التقيا الرئيس سليمان قبل ظهر أمس، أبلغاه هذا الموقف وسعيا الى انتزاع التزام منه بمواصلة العملية التفاوضية على صيغة 8+8+8 وبصرف النظر عن فكرة حكومة الحياديين، لكن سليمان أحجم عن ذلك، وفق مصادر مطلعة، مؤكداً أنه مع إعطاء فرصة للبحث في حكومة جامعة، كما قال في خطابه أول من أمس، لكنه ليس مستعداً لا هو و لا الرئيس سلام لصرف النظر عن خيار الحكومة الحيادية لأنها تبقى الصيغة التي سيجري اللجوء إليها في حال لم تتوصل المفاوضات الجارية الى نتيجة عملية في غضون الأيام القليلة المقبلة. وفيما قالت مصادر متعددة ل «الحياة» إن المفاوضات لتفادي الحكومة الحيادية التي انطلقت الجمعة الماضي، بوساطة من رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط بعد تنسيقه مع بري، تتم في ظل تفويض كامل من قبل قوى 8 آذار للرئيس بري، فإن زعيم «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون طلب من سليمان أن «يقول لنا مَن يعرقل تأليف الحكومة»، منتقداً حكومة الحياديين. وسأل: «نحن 58 نائباً (8 آذار) ألا يحق لنا اتخاذ قرار حول (تسمية) الوزراء؟». وفيما عكس كلام عون وفق أوساط متابعة لمساعي الخروج من المأزق الحكومي، عتباً منه لعدم إشراكه في الاتصالات التي جرت خلال الأيام الماضية وأسئلة حول ما إذا كان تفويض بري بهذه الاتصالات يشمل عون والمجموعات التي يضمها تكتله النيابي، فإن المصادر التي اطلعت على الأفكار التي يطرحها بري باسمه وباسم «حزب الله» أبلغت «الحياة» توجّس قوى 14 آذار من العودة الى دوامة مطالبة الفرقاء بحقائب وزارية معينة، على رغم قبول 8 آذار بمبدأ المداورة الكاملة في الحقائب الوزارية، في شكل يؤدي الى عرقلة تأليف الحكومة مجدداً وإطالة أمد البحث في توزيع الوزارات، هذا فضلاً عن قلقها من لجوء قوى 8 آذار الى طرح الثلث المعطل عن طريق الاشتراك في تسمية الوزير الشيعي الخامس، المحسوب على حصة الرئيس سليمان للحصول عليه مواربة. وفي وقت ذكر بعض الأوساط أن الرئيس بري لم يمانع في سعيه لتجنب الحكومة الحيادية، إمكان تضمين البيان الوزاري عبارات لا تلتزم صراحة قاعدة «الجيش والشعب والمقاومة» التي كان «حزب الله» و8 آذار أصرا عليها، تردد أن المخرج لهذا الأمر قد يكون باعتماد صيغة تترك عنوان المقاومة الى بحث الاستراتيجية الدفاعية في هيئة الحوار الوطني. إلا أن الأوساط نفسها أكدت أن قوى 14 آذار مع عدم ممانعتها صيغة 8+8+8، لم تعط موافقة نهائية بعد على القبول بالاشتراك في حكومة واحدة مع «حزب الله» في انتظار الأجوبة على أسئلة طرحتها حول مدى حرية الرئيسين سليمان وسلام في تحديد الحقائب الوزارية وتسمية الوزراء، والبيان الوزاري. وفي المقابل تشير أوساط سليمان الى أن موضوع البيان الوزاري يفترض أن يُترك الى ما بعد تأليف الحكومة وفق المسار الدستوري لتأليف الحكومة ولا يجوز فرض التوافق عليه قبل إعلان الحكومة. وإذ تشير الأوساط المتابعة للمسعى الجاري الآن الى حصول تقدم مبدئي في شأن صيغة 8+8+8، من دون صرف النظر نهائياً عن صيغة الحكومة الحيادية التي يصر سليمان وسلام على المضي فيها إذا فشلت المفاوضات، فإنها تعتبر أن على الفرقاء حسم الموقف من التفاصيل في سرعة لأن التفاوض الجاري الآن ما زال في مرحلة استكشاف النيات ولم ينته الى نتائج نهائية، في وقت لا تبدو المهلة التي قبل بها سليمان وسلام لإنجاح المسعى القائم من جنبلاط وبري طويلة، بل هي «قصيرة ولا تحتمل الانتظار طويلاً، لأن سقفها الزمني محدود».