إذا كنا نتحدث عن الاحتراف وعصر الاحتراف فهذا يعني أن كل شيء يخضع لقواعد هذا الاحتراف «التجاري والرياضي والإعلامي».. والمعروف أن الانضباطية أساس الاحتراف، فيما يعتبر البعض المال هو المحرك الأساسي للاحتراف. لهذا فمن الطبيعي أن من يلعب اليوم في النصر قد يلعب غداً في الهلال، ومن لعب في الهلال بات شبابياً، ومن كان اتحادياً صار هلالياً، ومن كان هداف الشباب صار هداف الهلال، والواضح أن العلاقة بين الناديين «استراتيجية» لم يعكرها سوى قصة حسن معاذ الذي سيكون هلالياً إن عاجلاً أم آجلاً، ولكن وسط قواعد الاحتراف نجد أن بعض الأندية تفرط بنجوم «جماهيريين» إن كانوا مواطنين أو أجانب ومن دون أسباب مقنعة تجعل خروج هؤلاء مقبولاً بهذه الطريقة الحزينة واللاحضارية أو التي تفتقد روح الرياضية. أنا لا أتحدث عن لاعب واحد، بل عن مجموعة كبيرة من اللاعبين الذين غادروا أنديتهم بطريقة أراها غير لائقة «في عصر الاحتراف» فمن أفنى عمره مع ناد أو مؤسسة أو وسيلة إعلامية مثلاً وقرر لظروف أو لأسباب أن ينتقل من مكان إلى آخر فمن المفترض أن يكون الانتقال حضارياً، والوداع ليس مثل الطرد التعسفي أو الطلاق بالثلاثة! لهذا كنت ومازلت أتمنى لو أقيمت حفلات وداع بسيطة يحضرها اللاعبون والإداريون والإعلاميون لأي لاعب قدم أجمل سنوات عمره في مكان ثم قرر أن ينتقل أو قرر ناديه أن العلاقة بين الاثنين لم تعد قابلة للحياة أو التجديد، وما شاهدته مثلاً يحدث مع سيموس وبرونو سيزار ومحمد نور نايف هزازي وناصر الشمراني وحتى مع سعود كريري، ويونس محمود الذي لم يعرف سبب إبعاده بهذه الطريقة «الغريبة»، فعقده كان سينتهي، ومدربه «العصبي في شكل دائم ومستفز» لا يريده كما لا يريد سيموس ولا سيزار، وهذا حق من حقوقه. ما حدث أعتبره برأيي الشخصي أمراً غير احترافي ولن أقول غير حضاري، وما شاهدناه يوم أقام احتفالية بسيطة، ولكن معبرة، للاعبه ربيع السفياني المنتقل إلى النصر توصل إلينا الكثير من اللفتات الإنسانية والاحترافية، وتعطي اللاعب دفعة معنوية كبيرة، وتعطي الجماهير رسالة واضحة بأن الانتقال كان ودياً و«احترافياً»، ولهذا فلن تستقبله مع فريقه الجديد لا بالصفير ولا بالحقد أو الإساءة.. الفكرة أننا نمارس الرياضة وشعارنا الأساسي هو الروح الرياضية، ويجب أن نتحلى بهذه الروح في كل ما نعمله لا أن تكون مجرد شعار نرفعه من دون أن نطبقه حتى لو كان قرار المغادرة خلافياً بين أطرافه كما حدث مع نور، وأعتقد أن المسألة يمكن معالجتها حتى الآن بأن تبادر إدارات بعض الأندية بإقامة حفلات بسيطة لمن غادروها في صالات أو حتى في الملاعب التي شهدت أجمل أيامهم وأمام جماهيرهم «السابقة» التي بقيت تحبهم كما شاهدنا مع جماهير الاتحاد التي صفقت طويلاً لنور وكريري، وصدقوني القصة ليست قصة حفلة بل قصة غصة تبقى حتى نهاية العمر مع كل لاعب قدم عمره «حتى لو مقابل المال» لناد لفظه حتى من دون وداع. mustafa_agha@