أتولى قيادة منطقة من عشرين بلداً، تمتد من مصر غرباً الى باكستان شرقاً، ومن كازاخستان في الشمال الى اليمن وشواطئ الصومال في الجنوب. ونشأت دول المنطقة هذه على أنقاض امبراطوريات آفلة ومنازعات قديمة لم تخمد بَعد. ويبلغ عدد سكان المنطقة 530 مليون نسمة في ما يزيد عن 22 مجموعة عرقية كبيرة تتحدث 18 لغة، وتؤمن بأربعة أديان كبرى. والمنطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي، ولكنها تفتقر الى المياه العذبة. وفي المنطقة، دول تتمتع بأعلى مستوى دخل فردي في العالم، ودول أخرى تنتمي الى مجموعة الدول الخمس الأشد فقراً في العالم. والشباب في سن بين 15 - 29 عاماً هم 40 في المئة من سكان نحو 20 دولة من دول المنطقة. والفرص الاقتصادية قليلة. وليست المعالجة العسكرية التقليدية السبيل الى مواجهة الارهاب والتطرف في المنطقة هذه. فالعمليات العسكرية قد تنجح في طرد المتطرفين من مناطق، وفي الحؤول دون تجمعهم من جديد. ولكن نواة استراتيجية مكافحة التمرد هي استمالة الناس، وليس السيطرة على الاراضي والمرتفعات أو معابر الأنهر. والتعاون مع السكان يرسي الأمن، ويسهم في نشر الخدمات العامة. وقد يقوض مزاعم المتطرفين وادعاءهم، إذا نجحنا في ابراز التباين بين حمايتنا السكان ودعمهم وبنى هجمات المجموعات المتطرفة وأعمال عنفهم المرعبة. ويسهم فضح العقيدة المتطرفة وعنفها الذي لا يميز بين المدنيين والجنود، في ادراك الناس ان حياتهم لن تتحسن إذا لم تضعف قبضة المتطرفين. وتحسّن الوضع الامني في العراق تحسناً كبيراً، في العامين الماضيين، على رغم أن الاستقرار لا يزال هشاً. وتقلص عدد هجمات المتمردين من اكثر من 160 في اليوم، في حزيران (يونيو) 2007، الى نحو 20 هجوماً. وتراجع عدد القتلى في أعمال العنف ضد المدنيين، وعدد الهجمات الكبيرة. والأمن في افغانستان هو الشاغل الابرز، على رغم التحديات السياسية الاخرى، ومنها ما يتصل بشرعية الحكومة. ويتجه الوضع الامني بأفغانستان الى التدهور، والانزلاق الى دوامة العنف. فأعمال العنف بلغت مستوى قياسياً، في الاسابيع الماضية. ويشرف قائد قوة المساندة في حلف شمال الاطلسي بأفغانستان، الجنرال ستان ماكريستال، على حملة شاملة مناهضة للتمرد. والى عملياتنا العسكرية، نساعد الحكومة الافغانية في محاربة الفساد الذي يضعف عدداً من المؤسسات الافغانية. وحريّ بنا ان نكون واقعيين، وأن ندرك أن نجاح الحملة يفترض التزاماً طويلاً ومستداماً. وتنتظرنا مهمات صعبة، ومنها تلمس معالم الطريق امامنا بعد الانتخابات الأخيرة التي شابتها شبهة التزوير. والرهانات كبيرة على قدر التحديات. على رغم خطورة الوضع، على ما لاحظ الجنرال ماكريستال، المهمة قابلة للانجاز. وعلى غرار الوضع الصعب، في العراق، في 2007، الوضع صعب في افغانستان. وهذه سمته شبه الدائمة. والحق أن سياسات ايران تتهدد استقرار المنطقة. وأنشطتها الخبيثة تمتد فيها، وصدى خطابها المتصلب يتردد في طول شبه الجزيرة العربية وعرضها. والمنطقة هذه، أصبحت، للمفارقة، افضل مكان للعثور على شركاء. وزاد عدد مواقعنا العسكرية في المنطقة، في الاعوام الاخيرة. ونشرنا ثماني بطاريات صواريخ «باتريوت» على الساحل الغربي من الخليج. * قائد المنطقة الوسطى الاميركية، جزء من خطاب ألقاه في لندن ، عن «تايمز» البريطانية، 18/9/2009، إعداد حسام عيتاني