أن يجبه الرئيس باراك أوباما ضغوطاً داخلية جراء إقراره برنامج النظام الصحي، وفي ذروة حملة هجمات عنصرية على رئاسته، أعلن عدوله عن خطة نشر درع صاروخية دفاعية في شرق أوروبا. والخطوة هذه قرينة عن إرادته ألا يتراجع عن ركن التزاماته الانتخابية في السياسة الخارجية الأميركية، أي توسل الولاياتالمتحدة الديبلوماسية لبلوغ أهدافها في السياسة الخارجية، عوض انتهاج سياسة أحادية هي مرآة هيمنتها العالمية قوة عظمى لا يقارعها أحد. وخطة إدارة أوباما الجديدة، ومراحلها الأربع لنشر نظام صواريخ دفاعية في مواقع بحرية في 2011، ونشر أنظمة أخرى متطورة في 2015، و2018، و2020، تتيح للولايات المتحدة الانصراف الى مواجهة خطر إيراني مباشر مصدره الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى قد تصيب أجزاء من أوروبا وإسرائيل. ولكن انقلاب الموقف الأميركي أحرج عدداً من القادة التشيخيين والبولنديين، وبعث الإحباط في أوساطهم، على رغم أن إشارات كثيرة برزت، في الأشهر الأخيرة، أوحت بأن الانقلاب وشيك. ولن تلتزم واشنطن تطوير العتاد العسكري البولندي في الأحوال كلها. وخطوة إدارة أوباما الأخيرة، ونواتها هي إرساء نظام اعتراض الصواريخ الإيرانية القصيرة والمتوسطة المدى، تعبّد الطريق الى التزام واشنطن الدفاع عن أوروبا التزاماً طويل الأمد، في وقت يرى الأوروبيون أن قبلة الاهتمامات الاستراتيجية الأميركية هي أفغانستان وباكستان والشرق الأوسط، والعلاقات الأميركية بالصين والهند. وتعزز خطة الدفاع الصاروخية «الاوباموية» التزام واشنطن الأمن الأوروبي، على خلاف استراتيجية بوش التي سعت في استغلال «حليفين أوروبيين جديدين» لحماية الولاياتالمتحدة. والحق أن أهمية مشروع أوباما وثيقة الصلة بالعلاقات الأميركية – الروسية. فإدارة أوباما تحاول التقرب من روسيا لمعالجة تحديات أمنية كبيرة تتهدد أمن البلدين، مثل ضبط الانتشار النووي، ومكافحة التهديد الإسلامي المتطرف خارج أفغانستان، والتصدي للمشروع النووي الإيراني. وقد يناقش أوباما مع نظيره الروسي، ديمتري ميدفيديف، هذه المسائل في اجتماع مجلس أمن الأممالمتحدة، الأسبوع المقبل، في نيويورك. وغيّر قرار أوباما وجهة العلاقات الاستراتيجية الأميركية – الروسية. وهو يسعى الى حمل روسيا على تأييد زيادة الضغط على إيران في مجلس الأمن. والرد الروسي على خطوة أوباما لم يتضح بَعد. فقادة روسيا يرون أن محصلة ميزان القوى في العالم محصلتها صفر. ويحسبون أن ضعف أميركا هو مصدر قوة لروسيا. وأوباما سيحصد، في القريب العاجل، نتائج سياسة الانفتاح على روسيا. فهذه قد لا تؤتي ثمارها، على ما حصل مع إيران. فروسيا قد لا تتجاوب، شأن إيران، مع سياسية الانفتاح. * مدير مركز «شاثام هاوس»، «دايلي تليغراف»، 18/9/2009، إعداد منال نحاس