تحولت أنظار عشاق التراث، والمهتمين في تربية الإبل «الأصيلة»، صوب منطقة أم رقيبة، حيث يُعقد مهرجان «جائزة الملك عبد العزيز لمزاين الإبل»، الذي يُعد «الأضخم» من نوعه عربياً، لاختيار «أجمل النوق» بحسب مواصفات معينة ، ويحتضن نفوذ الدهناء موقع «أم رقيبة» على طريق حفر الباطن، بالقرب من محافظة «المجمعة» ومركز «أم الجماجم». وتبعد عن العاصمة الرياض نحو 360 كيلومتراً. ويعود سبب تسمية «أم رقيبة» بهذا الاسم إلى وجود كثبان رملية في موقعها، تتميز ببروزها عن الكثبان الأخرى. و سُميت بذلك من قبل أهالي البادية الرحل، لشبه تلك النفوذ ب»الرقبة الصغيرة». ويشترك كبار ملاك الإبل ومربو السلالات النادرة في هذا المهرجان، الذي يحظى بمتابعة ودعم رئيس هيئة البيعة الأمير مشعل بن عبد العزيز. ويستعرض المتسابقون نتاج سلالاتهم بالإضافة إلى ما اشتروه، متباهين بها، كما يشهد المهرجان الذي يُعقد سنوياً، صفقات بيع وشراء تتخطى حاجز النصف بليون ريال في أعوام ماضية ليصل في هذا العام ل 750 مليوناً بحسب تصريحات صحفيّة . و تستمر «مزاين» أم رقيبة، لمدة أربعين يوماً، بحضور وجهاء القبائل والعشائر و شيوخها الذين يحرصون على اقتناء أفخر سلالات الإبل. وتتحول المنطقة الصحراوية، التي تخلو عادة من السكان بقية شهور العام، إلى مدينة «مزدهرة» خلال فترة المنافسة. و تشهد سوق «أم رقيبة» حركة اقتصادية نشطة، إذ تقدّر القيمة الإجمالية للإبل بنحو بليون ونصف البليون ريال. ويتم إبرام صفقات يومياً، إذ يتم بيع وشراء الإبل والنوق، لتدعيم إبل متسابق، وتكثيف فرصه في البيع على فئته التي يسابق فيها. كما تصاحب المزاين سوق شعبية تقام على مساحة تبلغ ثمانية كيلومترات. و تضم هذه السوق 500 محل تجاري، وفيها أماكن مخصصة لبيع الإبل، ومحال لبيع المواد الغذائية، وأخرى لبيع الخيام وتأجيرها، ومطاعم ومغاسل وأماكن حلاقة، ومحال لبيع الملابس الشتوية و»المفارش»، إضافة إلى محال لبيع الأواني المنزلية والتراثية المستوحاة من البيئة الصحراوية. وتقسم لجنة التحكيم، التي يشرف عليها ويتابعها رئيس هيئة البيعة الأمير مشعل بن عبدالعزيز، الإبل إلى أقسام، بحسب لونها، منها»المجاهيم»، وهي إبل تتميز بسواد لونها. و»الحُمُر»ذات اللون الأحمر، وكذلك»الصُفر»، أما»الوضح»فهي ضاربة في البياض. وتخضع مقاييس جمال الإبل، إلى طول الجانب، فكلما كان أطول عُدَّ أفضل، وكذلك شكل السنام وطوله، والعرقوب ومدى بروزه، إضافة إلى الرقبة واعتدالها، وعدم تهدلها، و»الفحجة»، وهي بُعد القوائم الخلفية عن بعضها، وكبر الرأس، إضافة إلى»أصالة»السلالة. ويشهد المهرجان زيارات رسمية من وفود أجنبية حيث زار المهرجان لهذا العام رئيس الوفد التجاري في السفارة البريطانية ووفد سياحي يضم 100 شخص من أميركا، وفرنسا، ونيوزلندا، وكندا، وكوريا، والأردن، وجنوب إفريقيا، والصين، واليابان ووفد الكليات التابعة لجامعة الملك فهد والبترول والمعادن في حفرالباطن. في صباح كل يوم من أيام المهرجان، يتنافس رعايا الإبل المشاركة بالمهرجان بجميع فئاتها (30.40.60.100) وألوانها المغاتير والمجاهيم. أما المغاتير واحدتها مغتر: فهي ذوات اللون الفاتح وتقسم إلى: الوضح وهي ذات اللون الأبيض والأصفر. أما الشعل فتتميز بصفارها الخالص بدون أي سواد. أما الحمر وهي ذات اللون البيج مع حمره قليلة. أما المجاهيم فواحدتها مجهم: وهي ذوات اللون الأسود ومنها: المجهم وهي السوداء تماماً – ملحاء – صهباء وهي ذات الأسود الفاتح – زرقاء وهي التي في بطن يديها بياض وفي أسفل رقبتها. وهناك ألوان أخرى مثل: برصاء، وهي البيضاء الخالصة، وقمراء: لونها مثل لون القمر بيضاء في رمادي وفي كتفها شعر يميل للسواد فيما تسمى الناقة البيضاء: عفراء – شقحاء – برصاء – قمراء – وضحاء ويتم استعراض هذه الأنواع على ساحة ميدان التحكيم، ويتم تصنيفها أمام اللجان المحكمة التي يتم اختيارها من شخصيات وممارسين وضالعين في هذه السباقات، ويتم إعلان الفائزين في الحفل الختامي يوم السبت القادم 3 ربيع الأول 1435ه ، وذلك بحضور جماهير غفيرة من محبي الإبل وعشاقها. وجهزت اللجنة المنظمة للمهرجان لهم مدرجات في ساحة عرض الإبل تتسع لأكثر من 600 شخص وخيمة مخصصة لملاك الإبل المشاركين في المهرجان. غير أن اللافت هو تحفظ ملاك الإبل عن الإعلان عن أسعار وأثمان صفقات شراء «المنقيّات» حيث يرفض كثير منهم ذكر قيمة شراء أو بيع الإبل مما يسهم في ظهور أصوات تشكك بالأسعار المعلنة و التي تصل ل30 مليوناً. يذكر أنه وقبل انطلاق المهرجان قبل قرابة أربعة عشر عاماً كانت أسعار الإبل لا تتجاوز 300 ألف إن كانت من سلالة مشهورة على مستوى الخليج العربي، غير أن المهرجان ساهم في صعودها لأسعار خرافيّة.