ينقل «لا أستطيع تذكر ما نسيته: أخبار جيدة من الجبهة الأمامية للذاكرة» عن آمي آرنتستين وهي باحثة في مجال بيولوجيا الأعصاب من جامعة «بيل» الأميركية، أن كثيراً من العوامل التي درسها العلماء طويلاً، تؤدي مع التقدم في السن إلى ظهور اضطراب يشار إليه علمياً باسم «قصور الانتباه وفرط الحركة» Attention Deficit Hyperkinetic Syndrome. وفي هذا الإطار، عمدت آرنتستين إلى استخدام عقار «جوانفاكسين» Guanfacine لعلاج أطفال مصابين باضطراب «قصور الانتباه وفرط الحركة»، ومرضى الفصام و «شدة ما بعد الصدمة» Post Traumatic Stress Disorder، من أجل إحداث زيادة في التوصيلات العصبية في «القشْرة ما قبل الجبهية» للمخ وبالتالي تنشيط الذاكرة. ومن المحتمل أن يكون هذا العقار بمثابة المنقذ لمن يعانون قلة التركيز مع تقدم العمر، خصوصاً أن دراسات عدة أثبتت أهمية التركيز في عمليات تكوين الذكريات. وفي إطار متصل، نهض الدكتور آدم غزالي، أستاذ علوم المخ والأعصاب في جامعة كاليفورنيا في «سان فرانسيسكو»، بدراسة واسعة عن هذا الشأن شملت تكوين مجموعة تتراوح أعمارها بين 19 و30 سنة وأخرى تتراوح أعمارها بين 60 و77 سنة. وعرضت على المجموعتين صور لأشخاص ومناظر طبيعية، مع تصوير أدمغتهم أثناء عملية التعرف. واستطاع غزالي تحديد مناطق في الدماغ تستقبل تلك المعلومات. وفي خطوة تالية، عرضت على المجموعتين صور مماثلة للمرة الأولى لكن طلب منهما التركيز على الصور التي تتضمن وجوهاً وحدها. وأظهرت مجموعة الشباب نشاطاً في منطقة في المخ تهتم بالوجوه، مع خمول في المنطقة التي تعنى بالمناظر الطبيعية. في المقابل، لم تستطع المجموعة المتقدمة عمرياً التركيز على الوجوه وحدها، ما أدى إلى معاناتها تشويشاً ذهنياً. وفي مساعٍ مستقلة، أجرت سوزان دي سانتي، أستاذة علم النفس في «مركز صحة الدماغ» في جامعة نيويورك، دراسة على أشخاص مصابين بمرض «الوهن الإدراكي المعتدل» Moderate Cognitive Down Functioning ، وهي حال عابرة لكنها توصل أحياناً إلى الإصابة بمرض «ألزهايمر». ولاحظت دي سانتي إصابة عدد ممن درستهم ب «ألزهايمر» بعد عامين، فيما نجا آخرون من مكابدة هذا المرض عينه. ووجدت أيضاً أن الأفراد الأصغر سناً ممن لم يعانوا مشاكل كبيرة في التركيز، أظهروا تحسناً كبيراً في أعراض كانوا يكابدونها بسبب مرض «الوهن الإدراكي المعتدل». وتعتقد دي سانتي أن «الوهن الإدراكي المعتدل» يمثل مرضاً يجمع بين مشاكل الذاكرة واضطرابات أخرى في المجال الإدراكي مثل تناقص الطلاقة اللفظية والإدراك المكاني. وتشير إلى أن 71 في المئة ممن يعانون مشاكل في الذاكرة مع اضطرابات أخرى، ينتهي بهم الأمر إلى الإصابة بمرض «ألزهايمر»، فيما لم يصب بهذا المرض سوى 8 في المئة ممن عانوا مشاكل في الذاكرة وحدها. وبموجب دراسة دي سانتي، من المستطاع القول إن «ألزهايمر» يشكل مرضاً مركباً، وأن الكلام وإجادته والطلاقة فيه، جزء من عمليات الذاكرة أيضاً.