تعود شهرة ساندرا بولوك إلى مطلع تسعينات القرن الماضي، عندما اكتشفها الجمهور في فيلم «السرعة» إلى جوار النجم كيانو ريفز، ولم تكن قد تجاوزت الخامسة والعشرين. وهي ظهرت منذ ذلك الحين في أفلام تنتمي عموماً سواء إلى اللون الفكاهي، حيث تؤدي شخصية امرأة ساذجة طيبة القلب تتصرف بطريقة غريبة مجردة من الجاذبية، قبل أن تكتشف قوتها الداخلية وتتحول رائدة في ما بعد، أو إلى المغامرات، حيث تظهر في ملامح امرأة قوية تحب المجازفة ولا تتردد في مواجهة أخطر المواقف في خدمة العدالة. جاءت بولوك إلى أوروبا أخيراً، لتحضر العروض الافتتاحية لفيلمي «الحرارة» الفكاهي المبني على المغامرات البوليسية النسائية والذي أخرجه بول فايغ، ثم «عدم اتزان» لألفونسو كوارون الذي تدور حبكته الكاتمة للأنفاس في الفضاء، وحيث تتقاسم بولوك البطولة مع جورج كلوني. والفيلمان بالتالي خير دليل على التنويع الذي تعتمده النجمة في خياراتها السينمائية. في باريس التقت «الحياة» ساندرا بولوك وحاورتها. تقومين بجولة أوروبية من أجل حضور العروض الافتتاحية لفيلميك الجديدين «الحرارة» و «عدم اتزان»، مع العلم أن الفيلم الأخير من النوع القوي والمؤثر بفضل الديكور المحيط بالأحداث التي يعيشها كل من بطليه المفقودين في الفضاء، فما الذي أثار اهتمامك في هذا السيناريو حتى توافقين على المشاركة فيه؟ - قوة القصة وجانبها الكاتم للأنفاس بالتحديد، وكونها قابلة جداً للحدوث في الحقيقة وفي ظروف محددة طبعاً، بما أن الحبكة تدور في الفضاء، ثم قوة شخصية البطلة، وهي طبيبة تصطحب رائد فضاء في مهمة رسمية سهلة أساساً وتتعقد إلى درجة خطيرة جداً في ما بعد. ثم هناك إصرار هذه المرأة على حل الأزمة وإلى العودة سالمة إلى الأرض. أنا أميل إلى أداء الشخصيات النسائية الذكية والقوية، خصوصاً إذا كانت كما هي الحال هنا، ممزوجة بشيء ولو بسيط جداً من الرومانسية. ماذا عن فيلمك الثاني «الحرارة» المبني على الحركة والمغامرات البوليسية، فهل أنت مولعة بمثل هذا اللون السينمائي؟ - نعم، أنا مولعة منذ صغري بسينما المغامرات وبالأبطال الذين يواجهون الأشرار ويسحقونهم في نهاية الفيلم. وأقصد هنا كمتفرجة، لكنني أيضاً، كممثلة، أهوى المشاركة في أعمال مبنية سينمائياً حول المؤثرات المرئية والصوتية، وفي هذه الحال أحدق في الديكور المحيط بي مثل الصبية ولا أصدق ما أراه، مع العلم أنني في بعض الحالات لا أرى أكثر من جدار أخضر يرمز إلى ديكور وهمي يتم غرسه في الصورة أثناء تركيب الفيلم بواسطة الكومبيوتر. أحب السينما التي تدهشني وليس تلك التي تحكي لي ما أشاهده في حياتي اليومية، بالتالي أعتقد أن لوني المفضل هو لون المغامرات الخيالية، شرط أن تتضمن نبرة رومانسية في حبكتها مثلما هي الحال في «عدم اتزان». وعن فيلم «الحرارة» فقد عشت تصويره وكأنني صبية في عالم رجال الشرطة والأشرار، وشعرت بأنني أنتمي إلى الكائنات التي نراها عادة في كتب المغامرات المرسومة، وهذا شيء يحدث مرة واحدة في العمر. في هذا الفيلم تؤدين شخصية مفتشة شرطة متزمتة تجد نفسها مرغمة على التعاون مع شرطية بدينة وثقيلة الظل من أجل حل مشكلة إجرامية، الأمر الذي يضيف نبرة فكاهية إلى الحبكة البوليسية الأصلية، فكيف كانت العلاقة بينك وبين الممثلة ميليسا مكارثي التي تمثل الشرطية بالتحديد؟ - كان الوضع غريباً إلى حد ما، على الأقل خلال الأيام الأولى من العمل في الفيلم، ذلك أننا كنا أنا وميليسا مكارثي من المفروض أن يكره بعضنا بعضاً أمام الكاميرا ونتشاجر في شكل شبه مستمر، بينما كنا في الحقيقة متفقتين إلى أبعد حد وسعيدتين بالعمل معاً، غير أننا كنا نضحك كثيراً، خصوصاً أن مكارثي من النوع المحب لسرد النكات والحكايات الطريفة. وقد خاف المخرج بول فايغ في لحظة ما من أن تؤثر علاقتنا الحقيقية الجيدة في أسلوب كل واحدة منا في تمثيل العداوة تجاه الثانية، فراح يطلب منا رسمياً أن نتفادى البقاء معاً خارج فترات التصوير، وذلك إلى حين الانتهاء من العمل في شأن المشاهد الصعبة بيننا، وإلى أن بدأنا في تمثيل اللقطات التي رمزت إلى تحول الأوضاع في علاقتنا وإلى نشوب ثقة حقيقية بيننا. وهنا فقط استطعنا التمتع من جديد بصداقتنا الفعلية في الحياة اليومية. إنه أغرب تصوير عشته في حياتي. وماذا تقولين عن جورج كلوني شريكك في فيلم «عدم اتزان»؟ - أعرف كلوني منذ سنوات طويلة، وهو من أعز أصدقائي، ولا أعرف ماذا أقول لك عنه غير كل الأشياء التي قيلت وكتبت عشرات المرات، بمعنى أنه يعير الروح المهنية أهمية قصوى أثناء تصوير الأفلام، ويتميز بروح فكاهة عالية ويحسن معاملة محيطه، وهو جنتلمان بكل معنى الكلمة، ورجل يتميز بصفات إنسانية وفنية كبيرة. أعرف أنه لا يحب ذكر بعض الخصوصيات، مثل تدخله في جمعيات خيرية لمصلحة الأطفال الفقراء والمحرومين والمعوقين، لكنها حقيقية، فهو يسخّر شهرته وثروته لهذا النوع من النشاطات، وهذا أمر أقدّره فيه ويجعلني أعتز أكثر وأكثر بصداقتي معه. حلاوة الشخصيات أنت تتأرجحين بين الأدوار الكوميدية والجادة، وربما أحدث دليل على هذا الشيء هو وجودك في أوروبا حالياً من أجل الترويج لعملين سينمائيين متناقضين كلياً، فهل تعثرين على المتعة نفسها في كل أنواع الأدوار التي تؤدينها؟ - نعم، وأعترف بأن متعة العمل هي ذاتها في كل الحالات، لكن بشرط واحد لا غنى عنه إطلاقاً يخص نوعية السيناريو. إنني أحب أن أدافع من خلال شخصيتي السينمائية عن عمل إجمالي ممتاز وقوي معبر عن أفكار صلبة متماسكة، من دون التفرقة بين الفكاهة والمغامرات والعاطفة والدراما والإثارة البوليسية. وعنصر الجودة لا يتسنى تصنيفه طبقاً للون الفيلم، بل لنص السيناريو أولاً، ثم بعد ذلك حلاوة الشخصيات وقدرة المخرج على تحويل الشيء المكتوب إلى آخر مرئي جيد بدوره. وبين الأمور التي تهمني إلى درجة كبيرة، عند اكتشافي أي سيناريو جديد يصلني، ضرورة تمتع الشخصية النسائية فيه والمطروحة علي، بقوة لا جدال فيها وفي كل ظروف حياتها، ولا يعني الأمر أن الضحك على تصرفات هذه المرأة ممنوع، فالجمهور سيضحك كثيراً أمام تصرفاتي المتزمتة في فيلم «الحرارة». هل تحتل النجومية الفنية المكانة الأولى في حياتك الآن؟ - النجومية لا تحتل المكانة الأولى في حياتي، فأنا لست من النوع الذي يبدي استعداده لفعل أي شيء وكل شيء من أجل الشهرة والعمل أمام الكاميرات. إنني أعتبر نفسي محظوظة بكل ما حدث لي حتى الآن، وفي الوقت نفسه أعرف جيداً أن حياتي قابلة للتغيير فجأة بين يوم وليلة، إذا عجزت عن تحقيق النجاح ذاته عبر أفلامي المستقبلية. ولن أكافح من أجل السينما فأنا قادرة على العمل غداً كمعلمة في مدرسة أو مخرجة تلفزيونية أو أي شيء آخر وفق الظروف، ولن يزعجني الاستغناء عن الفن بالمرة. هل تتخيلين نفسك أنت ساندرا بولوك غداً معلمة في مدرسة؟ - نعم وكلياً، لكنني لست متأكدة من رد فعل أهل التلاميذ بهذا الخصوص. ما هي هواياتك؟ - القراءة هوايتي الأولى والأساسية وأحب دوماً اكتشاف أعمال كبار الأدباء، فكلما وقعت في غرام عمل ما رحت أعاود قراءته مرات ومرات وذلك مهما كان حجم الكتاب.