حافظت الصين على نمو مبهر عكس متانة اقتصادها خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث سجلت في المتوسط معدل نمو بلغ 10 في المئة كل سنة، من دون أن تتأثر في هذه الفترة بالأزمة المالية الآسيوية عام 1997، أو بالأزمة المالية العالمية في عام 2008، فمنذ العام 1980 حين بدأت إصلاحات السوق، نما الاقتصاد الصيني من 300 بليون إلى أكثر من 8 تريليونات دولار. وبذلك، زادت سرعة نمو القطاع الصناعي في الصين وبالتالي زادت حاجة بكين من الطاقة ثلاث مرات منذ العام 2000، وفي 2011، احتلت مكان الولاياتالمتحدة كأكبر مستهلك للطاقة في العالم. ووفق تقرير أعدته «شركة آسيا للاستثمار» «تشهد الصين هذا النمو في حاجتها لموارد الطاقة المختلفة خلال السنوات الثلاثين المنتهية في 2012، حيث ازداد استهلاك النفط في الصين من 1.7 مليون برميل في اليوم إلى 10.2 مليون، في حين ازداد استهلاك الغاز الطبيعي من 380 بليون قدم مكعبة في السنة إلى 5.2 تريليون، واستهلاك الفحم من 727 مليون طن إلى 4 تريليونات طن». ولفت التقرير إلى أن زيادة الاستهلاك ترافقت مع «توسّع سريع للإنتاج لتلبية نمو الطلب، حيث تضاعف الإنتاج النفطي المحلي من مليونين برميل في اليوم إلى أربعة ملايين خلال العقود الثلاثة الأخيرة». وذكّر التقرير بأن الصين تحوّلت في 1993 إلى مستورد للنفط، وأصبحت هذه السنة أكبر مستورد للنفط في العالم أمام الولاياتالمتحدة. وهي تستورد ستة ملايين برميل يومياً تعادل 60 في المئة من الاستهلاك العالمي. وأضاف «ستواصل واردات الصين النفطية نموها السريع لأن الموارد المتوافرة بدأت بالانخفاض ولم تحصل أي اكتشافات نفطية جديدة بعد». ولزيادة الإنتاج، عرضت الصين عقود استكشاف وتطوير رقع بحرية لصالح شركات أجنبية، ولكن تجاوب هذه الشركات كان محدوداً بسبب عدم توافر المعلومات الجيولوجية والتكاليف العالية التي يتطلبها التنقيب في مياه عميقة. ومثل النفط، بدأت الصين باستيراد الغاز الطبيعي في 2004، وفي 2011، بلغ حجم استيرادها للغاز تريليون قدم مكعبة، أي ما يعادل 20 في المئة من الاستهلاك. أما الفحم، فتضاعف إنتاجه في الصين خمس مرات خلال الفترة ذاتها لتصبح بذلك مكتفية ذاتياً. توقعات مستقبلية التوقعات بالنسبة لمستقبل نمو الصين عالية. ووفق «أكسفورد إيكونومكس»، يُتوقع أن تنمو الصين بمعدل متوسط يبلغ 7 في المئة في السنة خلال العقد المقبل، وبمتوسط 6.5 في المئة سنوياً خلال العقد الذي يليه، ما يجعلها مجدداً أسرع دولة نمواً من بين الاقتصادات الكبرى، بحيث تنمو بضعف متوسط نمو العالم الذي يُتوقع أن يبلغ معدله 3.6 في المئة. ومن المرجح أن يكون النمو المستقبلي للصين أقل من هذه المعدلات المتوقعة بسبب التحولات الهيكلية التي تمر فيها. ومع ذلك، فإن كان معدل النمو أقل بنسبة 20 في المئة أو 30 في المئة من التوقعات، ويبقى الفارق ما بين نمو الصين ونمو بقية الدول ملحوظاً، بما يدعم طلباً هائلاً على الطاقة. ووفق تقرير «آسيا للاستثمار» تتوقع «إدارة معلومات الطاقة الأميركية» نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 3.6 في المئة سنوياً، وسينمو الاستهلاك العالمي للطاقة 56 في المئة ما بين 2010 و2040، ونصف هذه الزيادة ستأتي من الصين والهند لوحدهما. وستحتاج الصين إلى استيراد مزيد من النفط لتلبية طلبها بسبب التحديات في إنتاجها المحلي، كما ستحتاج قريباً إلى استيراد الفحم لأن الإنتاج المحلي بدأ يشهد بعض الضغوط، فقطاع الفحم يستهلك 17 في المئة من إجمالي استهلاك الصين للماء، وفي الوقت ذاته، تقع عمليات هذا القطاع في أكثر المناطق جفافاً، وهي منطقة منغوليا الداخلية، ما يخلق عوائق لوجيستية. ومن ناحية الغاز الصخري، فلن يلعب دوراً هاماً في الصين مع أنها تمتلك أكبر مكمن للغاز الصخري في العالم يعادل 19 في المئة من مكامن العالم، ومقارنة ب13 في المئة للولايات المتحدة، وتتمتع أيضاً بسياسة تنظيمية تدعم التطوير التكنولوجي للغاز الصخري. ولا يُتوقع أن يتغير استهلاك الصين لكل نوع من موارد الطاقة، وتتوقع إدارة «معلومات الطاقة الأميركية» أن تظل بكين تعتمد على الفحم والنفط بنسبة 80 في المئة من إجمالي حاجاتها للطاقة في العقدين المقبلين. ويُتوقع أيضاً أن تزيد حصة الطاقة المتجددة والنووية بشكل طفيف من استهلاك الصين، وتنخفض حصة النفط بنسبة صغيرة جداً وغير ملحوظة. أما الطلب، فمن المرجح أن يزيد أسرع من الاقتصادات الكبرى الأخرى، وأن تعتمد حاجتها المتزايدة للنفط على الاستيراد من الشرق الأوسط.