اعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي بعد الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للدفاع الذي كان دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعد ساعات قليلة على جريمة اغتيال الدكتور محمد شطح المستشار السياسي لزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، عن احالة ملف هذه الجريمة وبمراسيم استثنائية على المجلس العدلي، داعياً الى «وجوب تشكيل حكومة جديدة في لبنان اليوم قبل الغد، لا تستثني أحداً». وأوضح بعد الاجتماع انه طلب والرئيس سليمان من وزير العدل شكيب قرطباوي خلال اجتماع ثلاثي سبق انعقاد المجلس الأعلى «تحضير المراسيم اللازمة لإحالة جريمة الاغتيال والتفجيرات والجرائم التي حصلت في الآونة الأخيرة على المجلس العدلي. وأبلغنا خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع عن هذا القرار وهو يحضر إحالة هذه الجريمة والجرائم التي حصلت أخيراً على المجلس العدلي، بموافقة استثنائية ومراسيم استثنائية موقعة من فخامة الرئيس ومني شخصياً». وكان شارك في اجتماع المجلس الأعلى وزراء: الدفاع فايز غصن، الخارجية عدنان منصور، الداخلية مروان شربل، المال محمد الصفدي، الاقتصاد نقولا نحاس، وقرطباوي، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وقيادات الأجهزة الأمنية والقضائية. واطلع الحضور وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري «على الأوضاع الأمنية والمعلومات المتوافرة عن العملية الإرهابية التي اودت بشطح وعدد من المواطنين والتدابير التي تنفذها القوى الأمنية المعنية». وجدد ميقاتي بعد الاجتماع تقديم تعازيه بالراحل شطح، وقال: «باستشهاده غاب رجل حوار واعتدال، دمث الأخلاق، كان يملك مخزوناً فكرياً وسياسياً راقياً، جعله محاوراً سياسياً مميزاً. كما اتقدم بالتعزية من ذوي جميع الشهداء الذين سقطوا في هذه الجريمة النكراء وأتمنى للجرحى الشفاء العاجل». وأضاف قائلاً: «هذه الجريمة النكراء هزتنا جميعاً وتشكل ضربة جديدة للاستقرار النسبي الذي نعيشه في لبنان في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة، ووسط العواصف السياسية والأمنية الخطيرة التي تحصل. نجح من خطط ونفذ هذه الجريمة في رفع منسوب التوتر على كل المستويات، الا ان الرهان الحقيقي يبقى على حكمة القيادات اللبنانية ووعيها خطورة المرحلة والسعي، كل من موقعه، لسحب فتيل التفجير الكبير عبر تخفيف حدة الخطاب السياسي ومحاولة لملمة الوضع الداخلي رأفة بهذا الوطن». ونبه الى ان «الوقت ليس للتساجل الذي لم يوصل إلا إلى اليأس والقنوط او للاتهام والاتهام المضاد»، وقال: «المرحلة ليست لتصفية حسابات سياسية. النار المشتعلة في الجوار باتت تلفح داخلنا اللبناني وتهدد بالمزيد من الحرائق ولم يعد مقبولاً الابتعاد عن المعالجة بالتساجل وإطلاق المواقف والاتهامات. العيش الواحد في لبنان تتهدده المواقف الانفعالية وصيحات الغضب على رغم أحقية وجع مطلقيها. عودة الثقة بين الأطراف اللبنانيين باتت أولوية ملحة، لأن استمرار التباعد الحاصل والتمترس خلف شروط وشروط مضادة سيودي بنا جميعاً إلى الهلاك. اذا كانت كل الدروب المنظورة تؤدي الى الهاوية فعلينا التفتيش عن درب لا يؤدي اليها، وعليه فالمصلحة الوطنية تقتضي منا جميعاً العودة إلى الحوار والتلاقي سبيلاً وحيداً للخروج من المآزق الراهن». وشدد على وجوب «تشكيل حكومة جديدة في لبنان اليوم قبل الغد، وهذا الملف بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، لأن الظرف استثنائي ويحتاج إلى حكومة لا تستثني أحداً، تتعاطى مع الوقائع اليومية الاستثنائية وتشرف على الاستحقاقات المقبلة. لا يجوز الاستمرار في دوامة الشروط والشروط المضادة، او التوقف على تفصيل من هنا وتشبث من هناك. ندائي إلى جميع اللبنانيين لنحيي الالتزام بمبدأ النأي بالنفس فننزع فتائل التفجير التي تهدد أمان اللبنانيين وأمنهم وتحافظ على الحد الأدنى من الاستقرار. ابتعادنا جميعاً عما يجري في سورية يمنع استدراج الفتن والصراعات إلى أرضنا، ويشكل سياجاً يحمي لبنان ويمنع استخدامه ساحة منازلة إضافية لما يجري في سورية». وقال: «منذ سنوات نشهد الانقسام ذاته، واللبنانيون ضاقوا ذرعاً بالاصطفاف القائم ويريدون حياة هانئة يبنون فيها حاضرهم ومستقبلهم، باختصار نحن نمر بالأشهر الأصعب وغداً تحصل التسويات وعليه تعالوا، اليوم قبل الغد، نتعاون لحماية وطننا قبل فوات الأوان وحيث لا يعود ينفع الندم». وعن امكان تفعيل الحكومة المستقيلة اجتماعاتها لأن مرسوم استقالتها لم يصدر، قال: «هذه الحكومة تقوم بواجبها كما يقتضي الدستور والقوانين بما يختص بتصريف الأعمال. لم نتقاعس لحظة. مرت تسعة اشهر على الاستقالة، وندعو كل يوم الى تشكيل حكومة جديدة. هذه الحوادث التي تحصل حدث مثيل لها في السابق، ويعلم الجميع الممارسات والأجواء السياسية التي تؤدي الى حصول مثل هذا الحادث». ولاحقاً، اوضح ميقاتي في تصريح الى «المؤسسة اللبنانية للإرسال» عن اسباب عدم دعوته الى جلسة لمجلس الوزراء، قائلاً: «ان الأولوية هي لتشكيل حكومة ولا نريد مشكلة إضافية، خصوصاً أن الرئيس المكلف تمام سلام كان أعلن أنه سيعتذر إذا عقد مجلس الوزراء». بيان المجلس وتلا الأمين العام للمجلس اللواء محمد خير بياناً صادراً عن المجتمعين علماً ان مقررات الاجتماع تبقى سرية. وجاء فيه ادانة المجلس «بقوة التفجير الإرهابي الذي استهدف الوزير شطح في وسط بيروت مطاولاً لبنان وسلمه الأهلي وأمن مواطنيه. وشدد المجلس على المضي قدماً في التصدي لكل محاولات الإرهاب للنيل من لبنان، الذي كان ولا يزال مصمماً على موقفه الوطني الثابت بمكافحة الجريمة والإرهاب الذي يشكل الوجه الآخر للعدوان الإسرائيلي المستمر». وأوضح ان المجلس «استمع من قادة الأجهزة الأمنية الى المعلومات التي توافرت لديهم عن هذه الجريمة، وإلى المعلومات الإضافية عن الأعمال الإرهابية السابقة، وأكد المجلس وجوب التنسيق بين القوى الأمنية والاستمرار بالتدابير الميدانية والاستعلامية للتصدي لمثل هذه الجرائم قبل حصولها، للحفاظ على النظام وحماية المواطنين والمؤسسات والأملاك العامة والخاصة ودور العبادة ومقار البعثات الديبلوماسية». واطلع المجلس من ميقاتي «على الإجراءات العملية التي قامت بها هيئة إدارة الكوارث لمعالجة نتائج الانفجار، ومن وزير العدل والمدعي العام التمييزي على التحقيقات الأولية، وطلب من وزير العدل تحضير الإجراءات القانونية اللازمة لإحالة التفجيرات التي حصلت في الآونة الأخيرة على المجلس العدلي. كما طلب من الهيئة العليا للإغاثة بالتنسيق مع الجيش إحصاء الأضرار المادية تمهيداً للتعويض على اصحابها وفقاً للأصول». وأشار الى ان «بعد المداولات اتخذ المجلس القرارات المناسبة وأعطى توجيهاته حيالها، ووزع المهمات على الوزارات والإدارات والأجهزة المختصة. وأبقى على مقرراته سرية تنفيذاً للقانون». سلام ووفد اقتصادي وكان سليمان التقى سلام، وبحثا، وفق المكتب الإعلامي في قصر بعبدا «في المشاورات من اجل تشكيل الحكومة العتيدة». كما التقى سليمان وفداً اقتصادياً ضم رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير ورئيس جمعية ترخيص الامتياز شارل عربيد، وعرضوا الوضع الاقتصادي وخطوات مواجهة المرحلة المقبلة. ... ووزير عوني يعترض على الإحالة اثار اعلان رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبنانية نجيب ميقاتي امس، عن تحضير مراسيم استثنائية لإحالة جريمة اغتيال محمد شطح وجرائم اخرى الى المجلس العدلي، اعتراضاً من وزير الثقافة كابي ليون (ينتمي الى التكتل الذي يرأسه النائب ميشال عون)، الذي اعتبر ان «ما سيقدم عليه الرئيس ميقاتي هو هرطقة دستورية»، مشيراً الى «عدم امكان تحويل الملف الى المجلس العدلي من دون انعقاد جلسة لمجلس الوزراء». ورأى انه «كان على ميقاتي ان يدعو لهذه الجلسة منذ اشهر نظراً الى هشاشة الوضع الامني والسياسي القائم، اضافة الى الضرورات الملحّة التي تتعلق بشؤون المواطنين اليومية وتسيير امورهم»، منتقداً «محاولات ميقاتي اختصار صلاحيات الوزراء والحكومة في شخصه، خصوصاً انه هو من اقدم على الاستقالة وليس الوزراء في حكومته». وقال: «ان الجريمة التي وقعت بالأمس ارهابية بكل المقاييس وتتطلب الاحالة الى المجلس العدلي، ولكن طالما انه ليس من مانع من انعقاد مجلس الوزراء لتصريف الاعمال ومن ضمنها هذه الاحالة، فليس مقبولاً على الاطلاق اختزال دور هذا المجلس بشخص رئيسه». وكان الوزير السابق للعدل ابراهيم نجار اعتبر ان قرار المجلس الاعلى للدفاع احالة الجريمة الى المجلس العدلي «هو الاقرب الى التحقيق. أما احالة الجريمة الى المحكمة الدولية فتحتاج الى قرار من الحكومة واتفاق مع المحكمة الدولية وهذا لا ارى انه حاصل اليوم». وعما اذا كان يمكن حكومة تصريف الاعمال ان تجمتع وتقرر ذلك قانونياً، قال: «اعتقد انه لا يدخل في تصريف الاعمال، واذا اجتمعت الحكومة من اجل رزمة من الامور الاستثنائية فيجب ان يكون هذا مدرجاً على جدول اعمالها وهذا يحتاج ايضاً الى اكثرية عادية لإدراج الموضوع في خانة الاتفاق مع المحكمة الخاصة بلبنان». وعما اذا كانت الاحالة تحتاج الى اجتماع مجلس الوزراء، قال: «في الوقت الحاضر لا ارى انه يمكن صدور مرسوم يمكن مجلس الوزراء المقبل ان يصادق عليه، اذا اجتمع. والمرسوم يجب ان يحمل تواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير المختص (العدل)، واذا كان من التزامات مالية، توقيع وزير المال».